قد تجلّى لديك وسطعت شمس الحقيقة عليك والكناية أبلغ من التصريح. (١)
ويشهد الله والمسلمون اني أكره الخوض في هذه المكربات التي تثير الدفائن ، و تنثر بذور الضغائن في صدور طوائف المسلمين ولكن الحاحك في طلب الجواب بعثني الى تحرير هذه الكلمة على جرى القلم وعفو الخاطر ، وكره منّي ، وليس هذا من خطتي وخطواتي وأنا مذ خمسين سنة أدعوا الى توحيد كلمة المسلمين ونبذ الشحناء والبغضاء ، والاعتصام بحبل الله المتين من الالفة وعدم الفرقة ، والاخذ بالاخوة التي عقدها القرآن بين المسلمين ، فقال تعالى : إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ (٢) : ويشهد لذلك مؤلفاتي كمقدمة « أصل الشيعة » الذي طبع زهاء عشر طبعات وترجم الى عدة لغات وغيرها ، ولكني وجدتك قد أحرجتني وهددتني بقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ والْهُدى (٣) ولم أجد بداً لرفع
__________________
(١) يوضح هذا الجواب رد قيس بن سعد الانصارى على النعمان بن بشير الانصاري في صفين عندما دعاه الى اللحقوق بمعاوية قائلا : والله ما كنت اراك يا نعمان تجتري ، على هذا المقام.
اما المنصف المحق فلا ينصح اخاه من غش نفسه ، وانت والله الغاش لنفسه المبطل فيما انتصح غيره ، اما ذكر عثمان فان كان الانجاز يكفيك فخذه : قتل عثمان من لست خيرا منه وخذله من هو خير منك ، واما اصحاب الجمل فقاتلناهم على النكث ، واما معاوية فلو اجتمعت العرب على بيعته لقاتلتهم الانصار ، واما قولك انا لسنا كالناس فنحن في هذه الحرب كما كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله نلتقى السيوف بوجوهنا والرماح بنحورنا حتى جاء الحق وظهر امر الله وهم كارهون ، ولكن انظر يا نعمان هل ترى مع معاوية الا طليقا اعرابيا او يمانيا مستدرجا ، وانظر اين المهاجرون والانصار والتابعون باحسان الذين رضى الله عنهم ورضوا عنه. انظر كتاب ( الامامة والسياسة لابن قتيبة ) الذي اثبتنا من تأليفات ابن قتيبة في مقالنا الضافي المنتشر في مجلة ( العرفان ) المجلد ٤٣، ج ٥ ، ص ٥٠٨ واجبنا جوابا تحليليا عن الاشكالات الواهية التي اوردها الاستاذ احمد صقر المصري في مقدمة « تأويل مشكل القرآن » لابن قتيبة ص ٢٧ ط مصر ، حققنا ان كل ماذكره تبعاً وتقليداً لبعض المستشرقين في نفى ذلك الكتاب عن ابن قتيبة كذب واختلاق فراجع وطالع مقالنا مع امعان النظر.
(٢) سورة ٤٩ آية : ١٠.
(٣) سورة ٢ آية : ١٥٩.