يهون عليه قلع كل واحد من أضراسه دون ان يتسلّق هذه العقبة الكؤود وهكذا كل واحدة من مزاياه وخصائصه التي اختصّ بها ، ولم يشاركه أحد فيها من الكبراء في صدر الاسلام : مثل سبقه الى الاسلام ، وعدم سجوده لصنم ، وما عبد غير الله جل شأنه ، ولاشرب خمراً في جاهلية ولا اسلام ، أما لو ضربت بفكرك الى زهده وعزوفه عن الدنيا جراب سويق الشعير الذي يحدثنا عنه الاحنف بن قيس (١) حين وصفه لمعاوية سويق الشعير الجاف بنخالته الذي عاش عليه طيلة حياته وهو خليفة المسلمين ، واميرالمؤمنين ، والاموال تجبى اليه من خراسان الى الكوفة ؛ وهو يقول : ألاوان امامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ، ومن طعمه بقرصيه ؛ فوالله ماكنزت من دنياكم تبراً ، ولا ادخرت من غنائمها وفرا ، ولا أعددت لبالى ثوبي طمراً. (٢) فهل يستطيع المتبحّر والمتحرى أن يأتينا بشخص منذ عرفت الدنيا نفسهما ، وعرفها أهلها ، يحوي واحدة من هذه الصفات بتلك الخصوصيات وهذا الذي ذكرناه قطرة من بحر ولحظة من دهر ، (٣) وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله فيه :
__________________
(١) أحنف بن قيس أبو بحر التميمي السعدي البصري تابعي كبير من العلماء الخكماء ولد في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ولم يصحبه قال ابن الاثير : انه كان أحد الحكماء الدهات العقلاء (ا ه).
وكان لجلالته اذا دخل المسجد الجامع بالبصرة يوم الجمعة لاتبقى حبوة الا حلت اعظاما له شهد صفين مع أميرالمؤمنين عليهالسلام وبقى بعده الى زمان تولى مصعب بن الزبير على العراق وتوفى بالكوفة سنة : (٦٧) ه
أنظر الى تنقيح المقال ، والكنى والالقاب للمحدث القمي (ره) وأسد الغابة وغيرها.
(٢) ذكر اميرالمؤمنين عليهالسلام هذه الكلمات النيرة في كتاب له عليهالسلام الى عثمان بن حنيف الانصاري وهو عامله على البصرة وقد بلغه انه دعى الى وليمة قوم من اهلها فمضى اليها. انظر الى نهج البلاغة ، الطمر ـ بالكسر ـ الثوب الخلق.
(٣) وقد وصف ضرار بن ضمرة الكنانى أميرالمؤمنين عليهالسلام في مجلس معاوية حين ما دخل ضرار عليه فقال له : صف لي عليا فقال له : أو تعفيني ؟ فقال : لا أعفيك. قال اما اذ لابد فانه كان بعيدا لمدى شديد القوى يقول فصلا ،