يا على ماعرف الله الاّ أنا وأنت ؛ وماعَرَفَنا الاّ الله.
وعلى افتنان الواصفين بوصفه |
|
يفنى الزمان وفيه ما لم يوصف |
وان كان أعلى منه درجة او درجات ، ولكن عليٌّ عليهالسلام الذات المترفعة عن أفق البشرية المتصلة بالعوالم الملكوتية فليست هي من ذوات العبقريان بل تجدها مشابهة للانبياء ، فوق المخلوق دون الخالق ، فلا يستطيع بشر أن يدركها او يأتي على خصوصيات مزاياها الا بمقدار ما يرى الناظر المتطلع الى أسمى كوكب في وسط السماء لا يبصر منه سوى ضوئه ، ولايعرف شيئا من حقيقته وكنهه باقي مزاياه ، فعبقرية على بن ابى طالب عليهالسلام عبقرية روحانية ربوبية لا عبقرية بشرية ، فلا يستطيع البشر أن يتطرقها ويحيط الا بالحواشي والوتوش (١) منها. فانها خارجة عن مقايس العقول ومدارك أفهام الانام ، فيا اليها الناس لا تظلموا عليا عليهالسلام وهو في الدار الأخرى كما ظلمه أسلافكم يوم كان في هذه الدار الدنيا ، ولو لم يكن له الاّ قوله : ما هلك امرء عرف قدره وقيمة كل امرء ما يحسنه ، وقوله : الظلم مودع في النفوس : القوة تبديه والعجز يخفيه ؛ لكفى. وهذه شعاعة من انواره الساطعة وأثماره اليانعة وكلمة الختام أن علياً ـ وعلى ذكره آلاف التحية والسلام ـ فوق العبقريات ولا يقاس بمقاييس العقول.
__________________
ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة نواحيه ( عن لسانه ) يستوحش من الدنيا وزهرتها ، ويأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير العبرة ، طويل الفكرة. يقلب كفيه ، ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما خشن ( جشب ) كان والله كاحدنا يدنينا اذا أتيناه ، ويجيبنا اذا سألناه ، وكان مع تقربه الينا وقربه منا لانكلمه هيبة له فان تبسم فعن مثل لؤلؤ منظوم ، يعظم اهل الدين ، ويحب المساكين ، لا يطمع القوى في باطله ، ولايبأس الضعيف من عدله ... الخ.
انظر نهاية الارب لشهاب الدين احمد بن عبدالوهاب النويرى ، ج ٣ ، ص ١٧٦ ط مصر ، وروى هذه القصة بتمامها العلامة الكراجكي رحمهالله باسناده في كتابه القيم « كنز الفوائد » ص ٣٧٠ ط تبريز فراجع.
(١) الوتش القليل من كل شيء.