وأما البديع وهو « مقصور على العرب ، ومن أجله فاقت لغتهم كل لغة وأربت على كل لسان » (١).
فينتظم على مباحث المطابقة ، والمقابلة ، ومراعاة النظير ، والمشاكلة والمزاوجة ، واللف والنشر والتفريق والتقسيم ، والجمع مع التفريق ، والجمع مع التقسيم ، والجمع مع التقسيم والتفريق ، والإيهام وتأكيد المدح بما يشبه الذم ، وتأكيد الذم بما يشبه المدح ، والتوجيه ، وسوق المعلوم مساق غيره ، والاعتراض والاستتباع ، والالتفات ، وتقليل اللفظ ولا تقليله ، وغير ذلك من المحسنات المعنوية (٢).
وإذا نظرنا المحسنات اللفظية وجدناها تشتمل على التجنيس ، ورد العجز على الصدر ، والقلب والسجع ، والفواضل ، والترصيع وأضراب ذلك.
لذلك قد تعود الترجمة مع المحافظة على البديع شبه مستحيلة بل مستحيلة ، إذ تنفقد أغلب موضوعاته التماسك فضلا عن الأداء.
وبذلك تكون الكلمات والعبارات المترجمة مفتقرة إلى جملة مقومات الفصاحة إن لم نقل كلها ، لأن هذه التفريعات المتطاولة مما تكامل بناؤه في اللغة الأم للقرآن الكريم وهي اللغة العربية ، ولدى نقل ألفاظ هذه اللغة إلى لغة أجنبية فستتعطل هذه المحسنات جملة وتفصيلا إلا نادرا إذ لا تتوافر معالمها ولو بجزء مهما كان ضئيلا في مختلف اللغات العالمية.
فإذا أضفنا إلى البديع علمي المعاني والبيان ، ونقلب القرآن الكريم في شتى فنونهما ، أدركنا صعوبة الترجمة وعناءها ، وهذه الفنون من الكثرة في المفردات بحيث قد تصل إلى مئات العناوين والموضوعات وبما قد يقسم فيه العنوان الواحد إلى عشرات الجزئيات ، فالمجاز وأفراده ، والتشبيه وتفريعاته ، والاستعارة وأنواعها ، والكناية وأغراضها مضافا إلى تقسيمات المعاني المتقدمة وضروب البديع المتعددة ، وكلها أمثلة نابضة يستوعبها
__________________
(١) الجاحظ ، البيان والتبين : ١ / ٥١.
(٢) ظ : أحمد مطلوب ، فنون بلاغية : ٢٠٥.