لقد أشار المسلم النمساوي الأستاذ محمد أسد في مقدمة ترجمته لمعاني القرآن في الانجليزية إلى ما تختص به العربية في بلاغتها دون اللغات الأخرى ، واقتصر على معالجة فن الإيجاز من بلاغة القرآن فقال :
« إن البلاغة في كلام العرب مزية لا تضاهيها فيها لغة أخرى في العالم ومن البلاغة ، الإيجاز في البيان ، والقرآن معجزة في البلاغة ، وأسلوبه الإيجازي معجز كذلك ، فلا بد من التنبه به عند الترجمة إلى لغة أخرى وأن ترجمة الآيات بدون تحليل لفظي لما يضمه الإيجاز تجعل عبارة الترجمة مفككة غير مربوطة بعضها ببعض ، وقد لا يفهم منها شيء ، ولذا يحتاج المترجم أن يشرح المعنى المقصود من الآيات التي فيها الإيجاز حتى يرتبط الكلام وتنسجم العبارة » (١).
وليست بلاغة القرآن مقتصرة على الإيجاز وحده ، وإنما استقطبت جميع فنون البلاغة العربية ، والبلاغة ذات فنون ثلاثة هي : البيان والمعاني والبديع عند جمهرة البلاغيين بعامة ، باستثناء نفر قليل منهم كالخطيب القزويني ( ت ٧٣٩ ه ) الذي فصل علم البديع عن البلاغة واقتصر بها على المعاني والبيان (٢).
ولا يهمنا هذا الخلاف في الوقت الذي اعتبر فيه البديع دائرا حول معرفة توابع الفصاحة (٣).
وهو بلا ريب يستوعب مجموعة المحسنات اللفظية والمعنوية التي تنسحب في أغلب الأحيان على المعاني تارة وعلى البيان تارة أخرى.
أما البيان فينتظم مباحث : المجاز والتشبيه والاستعارة والكناية وأما المعاني فتنتظم مباحث : الخبر والإنشاء والتقديم والتأخير ، والحذف والذكر ، والفصل والوصل ، والإيجاز والأطناب ، والقصر (٤).
__________________
(١) ظ : الندوى : ترجمات معاني القرآن الكريم : ٨٦ ، وانظر مصدره.
(٢) ظ : القزويني ، الإيضاح : ٣٣٤.
(٣) ظ : ابن مالك ، المصباح : ٧٥.
(٤) ظ : السكاكي ، مفتاح العلوم : ٧٧ وما بعدها + أحمد مطلوب البلاغة عند السكاكي : ١٢٢.