لعل من أهم ما بحثه المستشرقون في الدراسات القرآنية هو موضوع : تأريخ القرآن في عدة مؤشرات من ذلك ؛ اشتملت في الغالب على الحديث عن نزوله ، وأدواره ، وبنيته ، وتركيبه ، وقراءاته ، ولهجاته ، وتدوينه ، وكتابته.
إلا أن هذه الدراسات جاءت متأخرة بعض الشيء بالنسبة لما كتبه العلماء العرب والمسلمون في تأريخ القرآن سبقا منهم إلى هذا الميدان ، ولعل من أبرز من أشار لذلك « أبا عبد الله الزنجاني » في كتابه : ( تأريخ القرآن ) (١).
١ ـ لقد عني المستشرقون بتأريخ القرآن ، وكانت عنايتهم مطردة ابتداء من أوائل القرن التاسع عشر إلى المنتصف الثاني من القرن العشرين ، فقد خصص المستشرق الفرنسي بوتيه ( ١٨٠٠ م ـ ١٨٨٣ م ) وقتا كبيرا لدراسة تأريخ القرآن الكريم ، فعكف على ذلك وبحث تأثره بما تقدمه من ديانات وظروف أحاطت بنزوله وغايته ، والعقائد الموافقة والمضادة له في غيره من الأديان ، وتأثيره في الاجتماع والتمرين ، ثم الأشهر والجمع التي يقدسها ، والمذاهب التي نشأت عنه لدى المسلمين ، وقد نشرت دراسته هذه في باريس عام ( ١٨٤٠ م ) (٢).
وكما يبدو من الشئون التي أثارها هذا الكتاب أن بحثه لم يكن متكاملا بموضوعاته ، ولا دقيقا باختياره.
__________________
(١) طبع في القاهرة ، مطبعة لجنة التأليف ، ١٩٣٥ م ، وقدم له الدكتور أحمد أمين.
(٢) ظ : نجيب العقيقي ، المستشرقون : ١٩٤.