أثار عليه النقد والسخرية من جانب اليهود ، فكان في نظرهم مبطلا.
وهنا أثار الكاتب دعاوى لم يستطع أن يدلل على صحة واحدة منها على الإطلاق ، وكيف استنتج أن ما عرضه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من شرائع اليهود انطوى على إدارك خاطئ ، وما هو مصدر هذا الزعم ومن صرح به ، وكيف أصبح النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مبطلا في نظر اليهود؟ ولما ذا لم يذهب إلى تعصب اليهود في ذلك؟ وليته اكتفى بهذا بل أضاف من عنديّاته العجيبة بأن دعوى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دعوى جريئة بأنه هو الذي يأتي بالنص الصحيح نظرا لأن كتب اليهود كانت مجهولة عند أتباع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من المؤمنين بصدق كلماته ، وإذا كانت هذه الكتب مجهولة عند قومه ، فهل جهلت عند اليهود ، ولما ذا لم يعارض ذلك بدليل تأريخي عندهم.
وقد خلط الأستاذ ( بول ) في هذا البحث خلطا غير متناسق ، واكبته فيه النزعات المنحرفة ، وصاحبه إسراف وإفراط لا يمتان إلى استكناه الحقائق بصلة ، وقد تكفل بالرد على أغلب هفواته الأستاذ أمين الخولي (١).
والذي يهمنا من بحثه أن نشير إلى ما يلي :
أ ـ إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يرد الحصول على تأييد أهل الكتاب بالمعنى الذي أشار إليه ، وإنما هو تعبير عن وحدة الديانات والشرائع والأنبياء في جميع الأطوار ، وأنّ أصول هذه الديانات واحدة ، وإن تغيير هذه الحقيقة الواقعة يعتبر تحريفا بالمعنى الذي أشار إليه القرآن : ( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ ) النساء / ٤٦
وفي قوله تعالى : ( مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (٤٦) ) النساء / ٤٦.
ب ـ إن الألفاظ التجريحية التي وردت في المقال بالنسبة للرسول
__________________
(١) ظ : المرجع نفسه والصفحات نفسها في الهامش.