ج ـ الرؤيا الصادقة :
وهي وحي إلهي بالنسبة للأنبياء خاصة ، يتلقون فيها الأوامر ويتسلمون التعليمات من السماء ، كما دل على ذلك قوله تعالى ـ فيما اقتص الله من خبر إبراهيم عليهالسلام مع ولده ـ
( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) ) (١).
فأشارت الآيات إلى الرؤيا الصادقة في المنام ، إلى استفادة إبراهيم وولده عليهالسلام ، الأمر الإلهي فيها ، للدلالة على أنها وحي يستلزم العمل به ، بدليل تعقيب ذلك من قبل الله في خطاب إبراهيم عليهالسلام بتصديق الرؤيا وجزاء المحسنين. وقد تكون الرؤيا في جزء من هذا الملحظ تمهيدا للوحي المباشر وقد يعبر عنها بالصادقة أو الصالحة ، كما حصل هذا المعنى بالنسبة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أول بدء الوحي ، كما في رواية أم المؤمنين عائشة :
« أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصادقة ( الصالحة ) في النوم. فكان لا يرى الرؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح » (٢).
وقد تكون الرؤيا نوعا من الوعد الحق الذي يقطعه الله لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم كما هو الحال في شأن فتح مكة ، قال تعالى :
( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ (٢٧) ) (٣).
وقد دل على جميع ما تقدم مضافا للدلالات القرآنية ما يروى عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم « انقطع الوحي ، وبقيت المبشرات. رؤيا المؤمن ؛ فالالهام والتسخير والمنام » (٤).
__________________
(١) الصافات : ١٠٢ ـ ١٠٥.
(٢) البخاري ، الجامع الصحيح : ١ / ٧.
(٣) الفتح : ٢٧.
(٤) الراغب ، المفردات : ٥١٦.