لم يقبل أي تغيير من يوم نزوله (١).
وقد أورد الأستاذ أبو الحسن الندوي جملة من نصوص المستشرقين في الموضوع (٢).
وقد زيف الإمام الخوئي دعاوى القول بالتحريف ، ودحضها جميعا ببراهين وأدلة رصينة لم يسبق إليها من ذي قبل (٣).
بينما نجد الأستاذ نولدكه في تأريخ القرآن يخالف جملة وتفصيلا فكتابه هذا بالإضافة إلى ما سبق بيانه في مبحث تأريخ القرآن ـ يفهم فيه من القرآن ما لا يفهمه السذج أو المتعصبون ، يفهم منه أنه كتاب سماوي وتراثي بوقت واحد ويجب أن يبحث من وجوه شتى ، وقد اعتبره بحق أبو عبد الله الزنجاني من أهم ما ألفه الافرنج في تأريخ القرآن من نواح شتى بما يشهد بتضلّعه واطلاعه الواسع ، كما بحث عن حقيقة الوحي والنبوة ، وشخصية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ونزول القرآن ، وتأريخ السور مكيّها ومدنيّها.
وقد سلك في كشف تأريخ السور مسلكا قويما يهدي إلى الحق أحيانا ، فإنه جعل الحروب والغزوات الحادثة في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلم تأريخها كحرب ( بدر ) و ( الخندق ) و ( صلح الحديبية ) وأشباهها من المدارك لفهم تأريخ ما نزل من القرآن فيها ، وجعل أيضا اختلاف لهجة القرآن وأسلوبه الخطابي دليلا آخر لتأريخ آياته.
فيقول في الخطابات الواردة في الآيات بلفظ ( يا أيّها الناس ) والشدة في الإنذار ، نزلت في أول النبوة ، وقلة عدد المسلمين ، والخطابات بلفظ : ( يا أيّها الذين آمنوا ) ، وآيات الرحمة نزلت بعد ازدياد عدد المسلمين والمؤمنين.
وهو يرتاب في بحثه التحليلي في الروايات والأحاديث وأقوال المفسرين في تأريخ القرآن. وفي عين الحال يأخذ من مجموعها ما يضيء
__________________
(١) غانم قدوري ، محاضرات في علوم القرآن : ٧٤.
(٢) الندوي ، النبي الخاتم : ٣٠ ـ ٣١.
(٣) الخوئي ، البيان في تفسير القرآن. موضوع : التحريف.