قوله تعالى : « لن تقبل توبتهم » لانها لم تقع على وجه الاخلاص ، ويدل عليه قوله : « واولئك هم الضالون » ولو حققوا التوبة لكانوا مهتدين ، وقيل : لن تقبل توبتهم عند رؤية البأس إذ لم يؤمنوا إلا عند حضور الموت ، وقيل : لانها أظهرت الاسلام تورية فأطلع الله رسوله(١) على سرائرهم عن ابن عباس(٢).
قوله تعالى : « لن يضروكم إلا أذى » قال الطبرسي رحمة الله : قال مقات إن رؤس اليهود مثل كعب بن الاشرف وأبي رافع وأبي ناشر وكنانة وابن صوريا عمدوا إلى مؤمنيهم كعبدالله بن سلام وأصحابه فأنبوهم على إسلامهم ، فنزلت الآية. وقال في قوله تعالى : « ليسوا سواء » قيل : سبب نزول الآية أنه لما أسلم عبدالله بن سلام وجماعة قالت أحبار اليهود : ما آمن بمحمد إلا أشرارنا ، فأنزل الله جريح(٣) ، وقيل : إنها نزلت في أربعين من أهل نجران ، واثنين وثلاثين من الحبشة ، وثمانية من الروم كانوا على عهد عيسى عليهالسلام فصدقوا محمدا (ص) عن عطا(٤).
وقال رحمهالله في قوله تعالى : « يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا » : نزلت في رجال من المسلمين كانوا يواصلون رجالا من اليهود لما كان بينهم من الصداقة و القرابة والجوار والحلف والرضاع عن ابن عباس : وقيل : نزلت في قوم من المؤمنين كانوا يصادقون المنافقين ويخالطونهم عن مجاهد « بطانة » البطانة : خاصة الرجل الذين يستبطنون أمره « من دونكم » من غير أهل ملتكم « لا يألونكم خبالا » أي لا يقصرون فيما يؤدي إلى فساد أمركم « والخبال » : الشر والفساد « ودوا ما عنتم » تمنوا إدخال المشقة عليكم أو إضلالكم عن دينكم « إن تمسسكم حسنة » أي نعمة من الله تعالى « وإن تصبكم سيئة » أي محنة وبلية(٥).
وقال رحمهالله في قوله تعالى : « وإن من أهل الكتاب » أقول : قد مر سبب
____________________
(١) في المصدر : فاطلع الله ورسوله. (٢) مجمع البيان ٢ : ٤٧١ و ٤٧٢.
(٣) الصحيح كما في المصدر : اين جريج بالجيم في اخره ايضا.
(٤) مجمع البيان ٢ : ٤٨٧ و ٤٨٨. (٥) مجمع البيان ٢ : ٤٩٢ ـ ٤٩٤.