قال لي : الآن أبشر يا عبدالله بالسلامة ، فقد نجوت ومضى عني ، وأتاني نكير وصاح صيحة هائلة أعظم من الصحية الاولى ، فاشتبك أعضائي بعضها في بعض كاشتباك الاصابع ثم قال لي : هات الآن عملك يا عبدالله فبقيت حائرا متفكرا في رد الجواب ، فعند ذلك صرف الله عني شدة الروع والفزع وألهمني حجتي ، وحسن اليقين والتوفيق فقلت عند ذلك : يا عبدالله رفقا بي ، فإني قد خرجت من الدنيا وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأن الجنة حق ، والنار حق ، والصراط حق ، والميزان حق ، والحساب حقّ ، ومسائلة منكر ونكير حقّ والبعث حق ، وأن الجنة وما وعد الله فيها من النعيم حق ، وأن النار وما أوعد الله فيها من العذاب حق ، وأن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، ثم قال لي : يا عبدالله أبشر بالنعيم الدائم والخير المقيم ، ثم إنه أضجعني وقال : نم نومة العروس ، ثم إنه فتح لي بابا من عند رأسي إلى الجنة ، وبابا من عند رجلي إلى النار ، ثم قال لي : يا عبدالله انظر إلى ما صرت إليه من الجنة والنعيم ، وإلى ما نجوت منه من نار الجحيم ، ثم سد الباب الذي من عند رجلي ، وأبقى الباب الذي من عند رأسي مفتوحا إلى الجنة ، فجعل يدخل علي من روح الجنة ونعيمها ، وأوسع لحدي مد البصر ، ومضى عني ، فهذا صفتي وحديثي وما لقيته من شدة الاهوال وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمد عبده ورسوله ، وأشهد أن الموت حق على طرف لساني(١) ، فراقب الله أيها السائل خوفا من وقفه السائل(٢) قال : ثم انقطع عند ذلك كلامه ، قال سلمان رضياللهعنه عند ذلك : حطوني رحمكم الله فحطيناه(٣) إلى الارض ، فقال : أسندوني ، فأسندناه ، ثم رمق بطرفه إلى السماء وقال : يا من بيده ملكوت كل شئ وإليه ترجعون ، وهو يجير ولا يجار عليه ، بك آمنت ، ولنبيك اتبعت ، وبكتابك صدقت ، وقد أتاني ما وعدتني
____________________
(١) في المصدر : وانا اشهد بالله مرارة الموت في حلقى إلى يوم القيامة.
(٢) السؤال ظ. اقول ، في المصدر : المسائل.
(٣) فحططناه خ ل.