ظهره حناء فأقبل على معاوية وقال : ما أنا بعدو الله ولا لرسوله ، بل أنت وأبوك عدوان الله ولرسوله ، أظهرتما الاسلام ، وأبطنتما الكفر ، ولقد لعنك رسول الله صلىاللهعليهوآله ودعا عليك مرات أن لا تشبع ، سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « إذا ولى الامة الاعين الواسع البلعون الذي يأكل ولا يشبع فلتأخذ الامة حذرها منه » فقال معاوية : ما أنا ذلك الرجل ، قال أبوذر : أنت ذلك الرجل أخبرني بذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله وسمعته يقول وقد مررت به : « اللهم العنه ولا تشبعه إلا بالتراب » وسمعته يقول : « اسيت(١) معاوية في النار » فضحك معاوية وأمر بحبسه ، وكتب إلى عثمان فيه ، فكتب عثمان إلى معاوية : أن احمل جنيدبا إلي على أغلظ مركب وأوعره ، فوجه به من سار به(٢) الليل والنهار ، وحمله على شارف ليس عليها إلا قتب حتى قدم به المدينة ، وقد سقط لحم فخذيه من الجهد فلما قدم بعث إليه عثمان : أن الحق بأي ارض شئت ، قال بمكة ، قال : لا ، قال : ببيت المقدس قال : لا ، قال : بأحد المصرين ، قال : لا ، قال : ولكني مسيرك إلى الربذة فسيرة إليها ، فلم يزل بها حتى مات.
وفي رواية الواقدي أن أبا ذر لما دخل على عثمان قال له :
لا أنعم الله بقين عينا |
|
نعم ولا لقاه يوما زينا |
تحية السخط إذا التقينا
فقال أبوذر : ما عرفت اسمي قينا.
وفي رواية الاخرى : لا أنعم الله بك عينا يا جنيدب ، فقال أبوذر ، أنا جندب وسماني رسول الله صلىاللهعليهوآله عبدالله ، فاخترت اسم رسول الله (ص) الذي سماني به على اسمي ، فقال له عثمان : أنت الذي تزعم أنا نقول : يد الله مغلولة ، وأن الله فقير ونحن أغنياء؟ فقال أبوذر : لو كنتم لا تقولون هذا لانفقتم مال الله على عباده ولكني أشهد(٣) لسمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : « إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين
____________________
(١) في المصدر : الست. (٢) في المصدر : مع من ساربه.
(٣) في المصدر : اشهدانى سمعت.