ويحتمل أن يكون من كلام أبي ذر ، فالضمير راجع إلى الكلمة ، أي في تلك الكلمة بلغة وكفاية لمن عمل بالمقصود منها ، قوله : ما ظننت كأن « ما » بمعنى « من » أي كل من أظن كذبه من جملة الناس فلا أظن كذبك ، ويحتمل أن يكون بمعنى ما دام ، أي كل وقت أظن كذب أحد من الناس فلا أظن كذبك والاول أظهر قوله : فوجب لي صومه ، أي ثبت ولزم لي ثواب صومه.
٣٦ ـ فس : « وإذا أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماء كم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون(١) » الآية ، فإنها نزلت في أبي ذر وعثمان بن عفان ، وكان سبب ذلك لما أمر عثمان بنفي أبي ذر رحمهالله إلى الربذة دخل عليه أبوذر وكان عليلا متوكيا على عصاه ، وبين يدي عثمان مائة ألف درهم قد حملت إليه من بعض النواحي ، وأصحاب حوله ينظرون إليه ويطعمون أن يقسمها فيهم ، فقال أبوذر لعثمان : ما هذا المال؟ فقال عثمان : مائة ألف درهم حملت إلي من بعض النواحي اريد أن أضم إليها مثلها ، ثم أرى فيها رأي ، فقال أبوذر : يا عثمان أيما أكثر؟ مائة ألف درهم ، أو أربعة دنانير؟ فقال عثمان : بل مائة ألف درهم ، فقال أما تذكر أنا وأنت وقد دخلنا(٢) على رسول الله صلىاللهعليهوآله عشيا فرأيناه كئيبا حزينا ، فسلمنا عليه ، فلم يرد علينا السلام ، فلما أصبحنا أتيناه فرأيناه ضاحكا مستبشرا ، فقلنا له : بآبائنا وامهاتنا(٣) دخلنا عليك البارحة فرأيناك كئيبا حزينا ، وعدنا إليك اليوم فرأيناك فرحا(٤) مستبشرا ، فقال : نعم كان قد بقي عندي من فئ المسلمين أربعة دنانير لم أكن قسمتها وخفت أن يدركني الموت وهي عندي ، وقد قسمتها اليوم فاسترحت منها ، فنظر عثمان إلى كعب الاحبار فقال له : يا أبا إسحاق ما تقول في رجل أدى زكاة ماله المفروضة هل يجب عليه فيما بعد ذلك فيها شئ؟ قال : لا ، ولو اتخذ لبنة من ذهب ولبنة من فضة ما وجب عليه شئ فرفع أبوذر ـ عصاه فضرب به رأس كعب ، ثم قال له : يا ابن اليهودية الكافرة ما أنت
____________________
(١) البقرة : ٨٤. (٢) اما تذكر انى وانت قد دخلنا خ ل.
(٣) في المصدر : وامهاتنا انت. (٤) ضاحكا خ ل.