بحق رسول الله صلىاللهعليهوآله أيضا لاخبرتك ، فقال : أي البلاد أحب إليك أن تكون فيها؟ فقال : مكة حرم الله وحرم رسوله ، أعبدالله فيها حتى يأتيني الموت ، فقال لا ، ولا كرامة لك ، فقال : المدينة حرم رسول الله ، قال : لا ، ولا كرامة لك ، قال : فسكت أبوذر فقال عثمان : أي البلاد أبغض إليك أن تكون فيها؟ قال : الربذة التي كنت فيها على غير دين الاسلام ، فقال عثمان : سر إليها ، فقال أبوذر قد سألني فصدقتك وأنا أسألك فاصدقني ، قال : نعم ، فقال : أخبرني لو بعثتني في بعث من أصحابك إلى المشركين فأسروني فقالوا : لا نفديه إلا بثلث ما تملك ، قال : كنت أفديك قال : فإن قالوا : لا نفديه إلا بنصف ما تملك ، قال : كنت أفديك ، قال : فإن قالوا : لا نفديه إلا بكل ما تملك قال كنت أفديك قال أبوذر : الله أكبر قال لي حبيبي رسول الله (ص) يوما : يابا ذر كيف أنت إذا قيل لك : أي البلاد أحب إليك أن تكون فيها؟ فتقول : مكة حرم الله وحرم رسوله ، أعبدالله فيها حتى يأتيني الموت؟ فيقال لك : لا ، ولا كرامة لك ، فتقول : المدينة حرم رسول الله ، فيقال لك : لا ، ولا كرامة لك ، ثم يقال لك : فأي البلاد أبغض إليك أن تكون فيها؟ فتقول : الربذة التي كنت فيها على غير دين الاسلام ، فيقال لك : سر إليها ، فقلت : وإن هذا الكائن يا رسول الله؟ فقال : إي والذي نفسى بيده إن لكائن ، فقلت : يا رسول الله أفلا أضع سيفي هذا على عاتقي فأضرب به قدما قدما؟ قال : لا ، اسمع واسكت ولو لعبد حبشي ، وقد أنزل الله فيك وفي عثمان آية ، فقلت : وما هي يا رسول الله؟ فقال : قوله تبارك تعالى : « وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم والعدوان وإن يأتوكم اسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون(١) ».
____________________
(١) تفسير القمى : ٤٣ ـ ٤٦.