جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) (١) ، فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم ، وأخا ابن عمي دون رجالكم ، ولنعم المعزي إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فبلغ الرسالة ، صادعا بالنذارة ، مائلا عن مدرجة المشركين ، ضاربا ثبجهم ، آخذا بأكظامهم ، داعيا إلى سبيل ربه ( بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) ، يكسر (٢) الأصنام ، وينكث الهام ، حتى انهزم الجمع وولوا الدبر ، حتى تفرى الليل عن صبحه ، وأسفر الحق عن محضه ، ونطق زعيم الدين ، وخرست شقاشق الشياطين ، وطاح وشيظ النفاق ، وانحلت عقد الكفر والشقاق ، وفهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص ، ( وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ ) ، مذقة الشارب ، ونهزة الطامع ، وقبسة العجلان ، وموطئ الأقدام ، تشربون الطرق ، وتقتاتون الورق (٣) ، أذلة خاسئين ، ( تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ ) من حولكم ، فأنقذكم الله تبارك وتعالى بمحمد صلىاللهعليهوآله بعد اللتيا والتي ، وبعد أن مني ببهم الرجال ، وذؤبان العرب ، ومردة أهل الكتاب ( كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ ) (٤) ، أو نجم قرن للشيطان (٥) ، وفغرت فاغرة من المشركين ، قذف أخاه في لهواتها ، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها (٦) بأخمصه ، ويخمد لهبها بسيفه ، مكدودا في ذات الله ، و (٧) مجتهدا في أمر الله ، قريبا من رسول الله ، سيد أولياء الله (٨) ، مشمرا ناصحا ، مجدا كادحا ،
__________________
(١) التوبة : ١٢٨.
(٢) في المصدر : يجف.
(٣) في المصدر : القد.
(٤) المائدة : ٦٤ ، ولا توجد في المصدر.
(٥) في المصدر : الشيطان.
(٦) في الاحتجاج : جناحها.
(٧) لا توجد الواو في المصدر.
(٨) في المصدر : سيدا في أولياء الله.