جحد التنزيل ، ورد النصوص ، ولو كانوا كما يقولون ويصفون (١) ما كان سبيل الأمة فيهما إلا كسبيلهم فيه ، وعثمان كان أعز نفرا ، وأشرف رهطا ، وأكثر عددا وثروة ، وأقوى عدة.
قلنا : إنهما لم يجحدا التنزيل ، ولم ينكرا (٢) المنصوص ، ولكنهما بعد إقرارهما بحكم الميراث وما عليه الظاهر من الشريعة ادعيا رواية ، وتحدثا بحديث لم يكن محالا (٣) كونه ، ولا يمتنع (٤) في حجج العقول مجيئه ، وشهد لهما عليه من علته مثل علتهما فيه ، ولعل بعضهم كان يرى التصديق للرجل (٥) إذا كان عدلا في رهطه ، مأمونا في ظاهره ، ولم يكن قبل ذلك عرفه بفجرة ، ولا جرب عليه (٦) غدرة ، فيكون تصديقه له على جهة حسن الظن وتعديل الشاهد ، ولأنه لم يكن كثير منهم يعرف حقائق الحجج ، والذي يقطع بشهادته على الغيب ، وكان ذلك شبهة على أكثرهم ، فلذلك قل النكير ، وتواكل الناس ، واشتبه الأمر ، فصار لا يتخلص إلى معرفة حق ذلك من باطله ، إلا العالم المتقدم ، والمؤيد المرشد (٧) ، ولأنه لم يكن لعثمان في صدور (٨) العوام ، وفي قلوب السفلة والطغام ما كان لهما من الهيبة والمحبة (٩) ، ولأنهما كانا أقل استئثارا بالفيء ، وأقل تفكها بمال الله (١٠) منه ، ومن
__________________
(١) في شرح نهج البلاغة : ولو كان كما تقولون وما تصفون .. ، وفي الشافي : المنصوص ، ولو كانا كما يقولون وما يصفون.
(٢) في ( ك ) : إنهما لم يجحد التنزيل ولم ينكر ـ بدون ألف التثنية ـ.
(٣) في الشافي : بمحال.
(٤) في شرح النهج : ولا ممتنعا.
(٥) في شرح النهج : تصديق الرجل.
(٦) في الشافي وشرح النهج : جرت عليه.
(٧) في الشافي : المسترشد .. وهو الظاهر.
(٨) في (س) : صدر.
(٩) في شرح النهج : المحبة والهيبة.
(١٠) في شرح النهج : وتفضلا بمال الله.