شأن الناس إهمال (١) السلطان ما وفر عليهم أموالهم ، ولا يستأثر (٢) بخراجهم ، ولم يعطل ثغورهم ، ولأن الذي صنع أبو بكر من منع العترة حظها (٣) ، والعمومة ميراثها ، قد كان موافقا لجلة قريش ، ولكبراء (٤) العرب ، ولأن عثمان أيضا كان مضعوفا في نفسه ، مستخفا بقدره ، لا يمنع ضيما ، ولا يقمع عدوا ، ولقد وثب ناس على عثمان بالشتم والقذف والتشنيع والنكير (٥) ، لأمور لو أتى عمر أضعافها ، وبلغ أقصاها ، لما اجترءوا على اغتيابه فضلا عن مبادأته (٦) ، والإغراء به ومواجهته ، كما أغلظ عيينة بن حصين (٧) له ، فقال له : أما إنه لو كان عمر لقمعك ومنعك؟ فقال عيينة : إن عمر كان خيرا لي منك ، أرهبني فأبقاني (٨).
ثم قال : والعجب أنا وجدنا جميع من خالفنا في الميراث على اختلافهم في التشبيه والقدر والوعيد يرد كل صنف منهم من أحاديث مخالفيه وخصومه ما هو أقرب استنادا ، وأوضح (٩) رجالا ، وأحسن اتصالا ، حتى إذا صاروا إلى القول في ميراث النبي صلى الله عليه وسلم نسخوا الكتاب ، وخصوا الخبر العام بما لا يداني بعض ما رووه (١٠) ، وأكذبوا ناقليه (١١) ، وذلك إن كل إنسان منهم إنما يجري إلى
__________________
(١) في (س) : خ. ل : احتمال.
(٢) في شرح النهج والشافي : ولم يستأثر.
(٣) في شرح النهج : حقها.
(٤) في ( ك ) : الكبراء ، وهو غلط ، وفي الشافي وشرح النهج : كبراء ، وهو الظاهر.
(٥) لا توجد في (س) : والنكير ، وفي شرح النهج : التنكير.
(٦) جاء في حاشية ( ك ) : وبادى فلانا بالعداوة .. أي جاهر بها. صحاح.
انظر : صحاح اللغة : ٦ ـ ٢٢٧٨.
(٧) في الشافي وشرح النهج : عيينة بن حصن ، وهو الظاهر.
(٨) في شرح النهج : فاتقاني ، وفي الشافي : وهبني فاتقاني.
(٩) في الشافي وشرح النهج : أقرب إسنادا وأصح ..
(١٠) في شرح النهج : ردوه.
(١١) في شرح النهج : قائليه.