ويؤيده (١) : ما روي أن يحيى بن خالد البرمكي سأل هشام بن الحكم بمحضر من الرشيد.
فقال : أخبرني يا هشام ، هل يكون الحق في جهتين مختلفتين؟
قال هشام : الظاهر لا.
قال : فأخبرني عن رجلين اختصما في حكم في الدين ، وتنازعا واختلفا ، هل يخلو من أن يكونا محقين ، أو مبطلين ، أو أن يكون أحدهما محقا والآخر مبطلا؟
فقال هشام : لا يخلو من ذلك.
قال له يحيى بن خالد : فأخبرني عن علي والعباس لما اختصما إلى أبي بكر في الميراث ، أيهما كان المحق ومن المبطل؟ إذ كنت لا تقول أنهما كانا محقين ولا مبطلين!.
قال هشام : فنظرت فإذا إنني إن قلت إن عليا عليهالسلام كان مبطلا كفرت وخرجت من مذهبي ، وإن قلت إن العباس كان مبطلا ضرب الرشيد عنقي ، ووردت علي مسألة لم أكن سئلت عنها قبل ذلك الوقت ، ولا أعددت لها جوابا ، فذكرت قول أبي عبد الله عليهالسلام : يا هشام ، لا تزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك ، فعلمت أني لا أخذل ، وعن لي الجواب في الحال.
فقلت له : لم يكن لأحدهما خطأ حقيقة ، وكانا جميعا محقين ، ولهذا نظير قد نطق به القرآن في قصة داود عليهالسلام ، يقول الله عز وجل : ( وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ ) (٢) إلى قوله : ( خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى
__________________
(١) ذكرت القصة في أكثر من مصدر ، منه : ما جاء في العقد الفريد ٢ ـ ٢٥١ ـ ٢٥٢ ، باختصار ، ولم يصرح باسمي يحيى بن خالد البرمكي والرشيد. ومنه ما ذكره ابن شهرآشوب في مناقبه ٣ ٤٩ ، إلا أنه لم يصرح باسم يحيى بن خالد البرمكي ، وغيرهما.
(٢) سورة ص : ٢١.