من ظلمات الذنوب إلى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل إمام عادل من الله وقال « وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ » (١) إنما عنى بهذا أنهم كانوا على نور الإسلام فلما أن تولوا كل إمام جائر ليس من الله عزوجل
______________________________________________________
وليهم في نصرتهم على عدوهم بإظهار دينهم على دين مخالفيهم ، وثالثها : أنه وليهم يتولاهم بالمثوبة على الطاعة والمجازاة على الأعمال الصالحة.
« يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ » أي من ظلمات الضلال والكفر إلى نور الهدى والإيمان ، لأن الضلال والكفر في المنع من إدراك الحق كالظلمة في المنع من إدراك المبصرات ، ووجه الإخراج هو أنه هداهم إليه ونصب الأدلة لهم عليه ، ورغبهم فيه ، وفعل بهم من الألطاف ما يقوي دواعيهم إلى فعله.
« وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ » أي يتولى أمورهم الطاغوت ، وهو هيهنا وأحد أريد به الجمع ، والمراد به الشيطان وقيل : رؤساء الضلالة « يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ » أي من نور الإيمان والطاعة والهدى إلى ظلمات الكفر والمعصية والضلال ، أي يغوونهم ويدعونهم إلى ذلك ، وهذا يدل على بطلان من قال : إن الإضافة الأولى تقتضي أن الإيمان من فعل الله تعالى في المؤمن ، لأنه لو كان كذلك لاقتضت الإضافة الثانية أن الكفر من فعل الشيطان ، وعندهم لا فرق بين الأمرين أنهما من فعله ، تعالى الله عن ذلك.
فإن قيل : كيف يخرجونهم من النور وهم لم يدخلوا فيه؟
قلنا : قد ذكر فيه وجهان : أحدهما ، أن ذلك يجري مجرى قول القائل أخرجني والدي من ميراثه فمنعه من الدخول فيه إخراج ، ومثله قوله سبحانه في قصة يوسف عليهالسلام : « إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ » (٢) ولم يكن فيها قط والوجه الآخر أنه في قوم ارتدوا عن الإسلام ، والأول أقوى ، انتهى.
وعلى تفسيره عليهالسلام لا حاجة إلى أكثر التكلفات ، يعني ظلمات الذنوب ، كأنه
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٩٥.
(٢) سورة يوسف : ٣٢.