أبا عبد الله عليهالسلام يقول لا تذهب الدنيا حتى يخرج رجل مني يحكم بحكومة آل داود ولا يسأل بينة يعطي كل نفس حقها.
______________________________________________________
« رجل مني » أي من أولادي وهو القائم عليهالسلام ، والمراد بآل داود أهل بيته فيشمل داود أيضا.
واعلم أن الظاهر من هذه الأخبار أن القائم عليهالسلام إذا ظهر يحكم بما يعلم في الواقعة لا بالبينة ، وأما من تقدمه من الأئمة عليهمالسلام فقد كانوا يحكمون بالظاهر ، وقد كانوا يظهرون ما كانوا يعلمون من باطن الأمر بالحيل ، كما كان أمير المؤمنين عليهالسلام يفعله في كثير من الموارد ، وهذا الاختلاف في سيرهم عليهمالسلام ليس من قبيل النسخ حتى يرد أن لا نسخ بعد نبينا ، بل إما باعتبار التقية في بعضها ، أو اختلاف الأوضاع والأحوال في الأزمان فإنه يمكن أن يكون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر الإمام بالحكم بالواقع إذا لم يصر سببا لتفرق الناس ورجوعهم عن الحق وبالحكم بالظاهر إذا صار سببا لذلك ، أو يقال : أنه عليهالسلام أمر بأمر الله سبحانه كل إمام بحكم يخصه كما مر في خبر الصحيفة النازلة من السماء فإذا كان جميع ذلك بأخبار النبي صلىاللهعليهوآله في وقت واحد لم يكن نسخا ، وإنما النسخ تجدد حكم يوجب رفع حكم ظاهره الاستمرار.
قال الشيخ المفيد قدسسره في كتاب المسائل : للإمام عليهالسلام أن يحكم بظاهر الشهادات ومتى عرف من المشهود عليه ضد ما تضمنته الشهادة أبطل بذلك شهادة من شهد عليه ، وحكم فيه بما أعلمه الله تعالى ، وقد يجوز عندي أن تغيب عنه بواطن الأمور فيحكم فيها بالظواهر وإن كانت على خلاف الحقيقة عند الله تعالى ، ويجوز أن يدله الله تعالى على الفرق بين الصادقين من الشهود وبين الكاذبين فلا تغيب عنه حقيقة الحال ، والأمور في هذا الباب متعلقة بالألطاف والمصالح التي لا يعلمها على حال إلا الله عز وجل.
ولأهل الإمامة في هذه المقالة ثلاثة أقوال : فمنهم من يزعم أن أحكام الأئمة على الظواهر دون ما يعلمونه على كل حال ، ومنهم من يزعم أن أحكامهم إنما هي