فنعى إليهم نفسه ثم قال أذكر الله الوالي من بعدي على أمتي ألا يرحم على جماعة المسلمين فأجل كبيرهم ورحم ضعيفهم ووقر عالمهم ولم يضر بهم فيذلهم.
______________________________________________________
والمنبر من النبر بمعنى الرفع « أذكر الله » من التذكير ، والاسمان مفعولان والتذكير للإنذار والتحذير وتذكير عقاب الله وكان المراد بالوالي هنا أعم من العادل والجائر.
« إلا يرحم » هذا يحتمل وجوها :
الأول : أن يكون بالفتح حرف تحضيض ، وفي أكثر النسخ بالياء على بناء المجرد ، وفي بعضها بالتاء على بناء التفعل فالتحضيض للتوبيخ كما قال الرضي (ره) : كلمة التحضيض إذا دخلت على الماضي كانت للتوبيخ واللوم على ترك الفعل ، قيل : وهذا مبني على أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم جعل كلامه هذا حكاية لما يقع في المستقبل من قبح أعمال الوالي وتوبيخه للوالي بعد تلك الأعمال ، والتعبير عن المستقبل بالماضي لتحقق الوقوع شائع.
والثاني : أن يكون أن لا مركبا من أن الناصبة ولا النافية ، ويكون تقدير الكلام أذكره الله في أن لا يرحم أي في عدم الرحم.
الثالث : أن يكون بالكسر كلمة استثناء أي اذكرهم في جميع الأحوال إلا حال الرحم كقولهم أسألك إلا فعلت كذا ، وقيل : هو بتقدير لا أسأله ، نحو قول ابن عباس حين دخل مجلسا للأنصار وقاموا له بالنصر والإيواء : إلا جلستم.
الرابع : أن تكون أن شرطية والفعل مجزوما.
« فأجل » من الإجلال وهو التعظيم ، وقد روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم ، قيل : وسر ذلك أنه أكبر سنا وأكثر تجربة وأكيس حزما ، وأقرب من الرجوع إلى الله تعالى « ورحم ضعيفهم » يشمل الصغير والفقير والنساء ، والروايات الدالة على الرحم عليهم والإحسان إليهم أكثر من أن تحصى ، « ووقر عالمهم » في بعض النسخ عاملهم ، وفي بعضها عاقلهم ، وقد دلت الآيات والروايات على توقير جميعهم « ولم يضر بهم » من الإضرار ، ويحتمل المجرد وإضرار المسلمين