اللهم إنه لا بد لك من حجج في أرضك حجة بعد حجة على خلقك يهدونهم إلى دينك ويعلمونهم علمك كيلا يتفرق أتباع أوليائك ظاهر غير مطاع أو مكتتم يترقب إن غاب عن الناس شخصهم في حال هدنتهم فلم يغب عنهم قديم مبثوث علمهم وآدابهم في قلوب المؤمنين مثبتة فهم بها عاملون.
ويقول عليهالسلام في هذه الخطبة في موضع آخر فيمن هذا ولهذا يأرز العلم
______________________________________________________
« علمك » أي ما علمتهم « كيلا يتفرق » أي في الآراء والعقائد « ظاهر » إما مجرور فيكون نعت « حجة » أو مرفوع بتقدير مبتدإ أي كل منهم « أو مكتتم » على بناء المفعول ، يقال : كتمته واكتتمته أي سترته « يترقب » على بناء المجهول أي ينتظر ، وقيل : هو قائم مقام جزاء « إن غاب » بقرينة الفاء في قوله « فلم يغب ».
« شخصهم » أي الموجود من جملتهم « مبثوث علمهم » لعل المفعول بمعنى الفاعل ، فإني لم أره متعديا فيما عندنا من كتب اللغة ، وفي بعض النسخ بتقديم الباء على المثلثة أي منتشر علمهم وهو أظهر « وآدابهم » مبتدأ خبره : مثبتة ، والمراد بآدابهم أخلاقهم وسيرهم « فهم بها » أي بالعلوم والآداب ، وقيل : المراد بآدابهم قواعدهم الكلية الأصولية المتعلقة بكيفية عمل أهل الغيبة نحو جواز العمل بأخبار الآحاد.
« فيمن هذا » الاستفهام للتقليل أي العمل بآدابهم المثبتة في قلوب الناس ليس إلا في قليل منهم « ولهذا » أي ولقلة ما ذكر ينقبض العلم وتقل الحملة ، وهو بالتحريك جمع حامل.
وقال بعض الأفاضل « فيمن هذا » أي في شأن من تكلم بغير معقول من الهذيان « ولهذا » أي ولأجل أن الناس يصيرون إلى مثل هذا ويتكلمون بالباطل « يأرز العلم » أي ينضم بعضه إلى بعض ويجتمع عند أهله ، انتهى.
وما أشبه هذا بالهذيان وإن كان القائل أجل من ذلك ، وفي بعض النسخ : فمن هذا ، كما في رواية النعماني ، فمن بالكسر ولهذا تأكيد له ، وهذا في الموضعين إشارة إلى كلام أسقط من البين ويمكن أن يقرأ بالفتح على الاستفهام للقلة بالمعنى المتقدم.