إياي أخيرا وإن فارقتماهم بباطل فقد وقع إثم ذلك الباطل عليكما مع الحدث الذي أحدثتما مع أن صفقتكما بمفارقتكما الناس لم تكن إلا لطمع الدنيا
______________________________________________________
رجعتم عن ذلك الحق بمفارقتكم إياي أخيرا لأني على ذلك كنت إماما أولا وآخرا ، وإن كانت الخلافة بالبيعة وكانت مفارقتكما لهم باطلا فقد صدر عنكم كفران بل أربعة لأنكم بادعائكما فارقتم هؤلاء الخلفاء وفارقتموني أيضا بعد البيعة ولزوم الحجة ، فقد كنتم منذ قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى الآن عاصين مخالفين للخلفاء والأئمة وهذه حجة تامة لا محيص لهم عنها.
« وإن فارقتماهم » أي وإن كنتما فارقتماهم ، والحدث عبارة عن مفارقتهما إياه ومعصيتهما لله ولرسوله بإخراج عامله من البصرة وقتل مواليه ، وإخراج حرمة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن خدرها وإحداث الفتنة بين المسلمين « مع أن صفتكما (١) » من إضافة المصدر إلى الفاعل أو إلى المفعول ، والفاعل مقدر أي وصفتكما إياكما قيل وقوله : زعمتما ، جملة معترضة أو نعت للدنيا لأن لامها للعهد الذهني.
وأقول : الظاهر عندي أن العلاوة لاستدراك ما يتوهم من الكلام السابق أنهما على تقدير كون مفارقتهما بحق أخطئا خطأ واحدا وهو المفارقة عنه عليهالسلام أخيرا ، وأما أول أمرهما فكان صوابا واستحقا أجرا فاستدرك عليهالسلام ذلك بأن أصل المفارقة وإن كان حقا لكن لما اعترفا بأن ذلك لم يكن لله بل بطمع الدنيا فلم يكن فعلهما من هذه الجهة خيرا ، ولم يستحقا ثوابا ، بل استحقاقه (٢) عقابا كصلاة المرائي كذا خطر بالبال في حل الكلام من أوله إلى هنا وهو في غاية الاستقامة.
ويحتمل عندي وجها آخر ، وأن يكون بناء الوجهين في الكلام الأول كليهما على ما لاح من كلامهما من أن الحق كان معه لا مع السابقين ، وكان ذلك مقررا معهودا بينهما وبينه عليهالسلام ، فحاصل الترديد أنه إن فارقتماهم بحق أي بسبب أمر حق ونية صادقة وهو كوني على الحق وكونهم على الباطل فقد أحبطتم ذلك
__________________
(١) وفي المتن « صفقتكما .... » وسيأتي الإشارة إليه في كلام الشارح (ره) أيضا.
(٢) كذا في النسخ والظاهر « استحقّا ».