بن رئاب ، عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال الصبر رأس الإيمان
______________________________________________________
وإن كان في نائبه مضجرة سمي رحب الصدر ويضاده الضجر ، وإن كان في إمساك الكلام سمي كتمانا ويضاده الإذاعة ، وقد سمي الله تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله : « وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ » (١) « وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ » (٢) « وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ » (٣) وسمي الصوم صبرا لكونه كالنوع له.
وقوله : « اصْبِرُوا وَصابِرُوا » (٤) أي احبسوا أنفسكم علي العبادة وجاهدوا أهواءكم ، وقوله عز وجل : « اصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ » (٥) أي تحمل الصبر بجهدك ، وقوله : « أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا » (٦) أي بما تحملوه من الصبر في الوصول إلى مرضات الله.
قوله : رأس الإيمان ، هو من قبيل تشبيه المعقول بالمحسوس ، ووجه الشبه ما سيأتي في الخبر الآتي ووجهه أن الإنسان ما دام في تلك النشأة هو مورد للمصائب والآفات ومحل للحوادث والنوائب والعاهات ، ومبتلى بتحمل الأذى من بني نوعه في المعاملات ومكلف بفعل الطاعات وترك المنهيات والمشتهيات ، وكل ذلك ثقيل على النفس لا تشتهيها بطبعها ، فلا بد من أن تكون فيه قوة ثابتة وملكة راسخة بها يقتدر على حبس النفس علي هذه الأمور الشاقة ، ورعاية ما يوافق الشرع والعقل فيها ، وترك الجزع والانتقام وسائر ما ينافي الآداب المستحسنة المرضية عقلا وشرعا ، وهي المسماة بالصبر ، ومن البين أن الإيمان الكامل بل نفس التصديق أيضا يبقى ببقائه ، ويفنى بفنائه ، فلذلك هو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.
__________________
(١) سورة البقرة : ١٧٧.
(٢) سورة الحجّ : ٣٥.
(٣) سورة الأحزاب : ٣٥.
(٤) سورة آل عمران : ٢٠٠.
(٥) سورة مريم : ٦٥.
(٦) سورة الفرقان : ٧٥.