فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَما يُلَقَّاها إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ » (١) فصبر رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عز وجل عليه : « وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ
______________________________________________________
في أكثر نسخ الكتاب وتفسير علي بن إبراهيم ، والسيئة غير مذكورة في المصاحف وكأنه عليهالسلام زادها تفسيرا وليست في بعض النسخ وهو أظهر ، وقيل : المعنى ادفع السيئة حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها وهي الحسنة ، على أن المراد بالأحسن الزائد مطلقا أو بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات ، إنما أخرج مخرج الاستئناف على أنه جواب من قال كيف أصنع؟ للمبالغة ، ولذلك وضع أحسن موضع الحسنة ، كذا ذكره البيضاوي ، وقيل : اسم التفضيل مجرد عن معناه ، أو أصل الفعل معتبر في المفضل عليه على سبيل الفرض ، أو المعنى ادفع السيئة بالحسنة التي هي أحسن من العفو أو المكافاة ، وتلك الحسنة هي الإحسان في مقابل الإساءة ، ومعنى التفضيل حينئذ بحاله لأن كلا من العفو أو المكافاة أيضا حسنة إلا أن الإحسان أحسن منهما وهذا قريب مما ذكره الزمخشري من أن لا غير مزيدة ، والمعنى أن الحسنة والسيئة متفاوتان في أنفسهما فخذ بالحسنة التي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته.
« فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ » أي إذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق « وَما يُلَقَّاها » أي ما يلقي هذه السجية وهي مقابلة الإساءة بالإحسان « إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا » فإنها تحبس النفس عن الانتقام « وَما يُلَقَّاها إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ » من الخير وكمال النفس ، وقيل : الحظ العظيم الجنة ، يقال :
لقاه الشيء أي ألقاه إليه « حتى نالوه بالعظائم » يعني نسبوه إلى الكذب والجنون والسحر وغير ذلك ، وافتروا عليه.
« أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ » كناية عن الغم « بِما يَقُولُونَ » من الشرك أو الطعن فيك
__________________
(١) سورة فصّلت : ٣٥.