٢ ـ محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن أبي حمزة قال المؤمن خلط عمله بالحلم يجلس ليعلم وينطق ليفهم لا يحدث أمانته الأصدقاء ولا يكتم شهادته الأعداء ولا يفعل شيئا من الحق رياء ولا يتركه حياء إن زكي خاف مما يقولون واستغفر الله مما لا يعلمون لا يغره قول :
______________________________________________________
الحديث الثاني : صحيح.
« خلط عمله » في مجالس الصدوق علمه وهو أظهر وأوفق بسائر الأخبار ، إذ العلم بدون العمل يصير غالبا سببا للتكبر والترفع والسفاهة وترك الحلم « يجلس ليعلم » أي يختار مجلسا يحصل فيه التعلم وإنما يجلس له لا للأغراض الفاسدة ، وفي المجالس بعده : وينصت ليسلم أي من مفاسد النطق « وينطق ليفهم » أي إنما ينطق في تلك المجالس ليفهم ما أفاده العالم إن لم يفهمه لا للمعارضة والجدال وإظهار الفضل « لا يحدث أمانته » أي السر الذي ائتمن عليه « الأصدقاء » فكيف الأعداء « ولا يكتم شهادته الأعداء » أي لو كان عنده شهادة لعدو لا تحمله العداوة على أن لا ـ يقول له أنا شاهد لك ، أو لا يكتمه إذا استشهده ، وطلب منه أداء الشهادة ، أو المراد للأعداء « ولا يفعل شيئا من الحق » أي العبادات الحقة ليراه الناس ، وفيه إشعار بأنه لا يفعل شيئا إلا ما هو حق ولا يأتي ببدعة.
« ولا يتركه » أي الحق « حياء » لأنه من الحياء المذموم ولا حياء في الحق « إن زكي » أي أثنى عليه ومدح بما يفعله « خاف مما يقولون » وفي المجالس ما يقولون وكلاهما حسن ، أي خاف أن يصير قولهم سببا لإعجابه بنفسه وبعمله فتضيع أعماله ، أو يكونوا في ذلك كاذبين ورضي بكذبهم فيعاقب على ذلك ، مع أنه لا ينفع تزكيتهم كما قال تعالى : « فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ » (١).
« مما لا يعلمون » أي من عيوبه ومعاصيه التي صار عدم علمهم بها سببا لتزكيتهم ،
__________________
(١) سورة النساء : ٤٩.