الرفق فمن رفقه بعباده تسليله أضغانهم ومضادتهم لهواهم وقلوبهم ومن رفقه بهم
______________________________________________________
الحقد ، والأضغان جمع الضغن كالأحمال والحمل ، والمعنى أنه من رفقه بعباده ولطفه لهم أنه يخرج أضغانهم قليلا وتدريجا من قلوبهم وإلا لأفنى بعضهم بعضا ، وقيل : لم يكلفهم برفعها دفعة لصعوبتها عليهم بل كلفهم بأن يسعوا في ذلك ويخرجوها تدريجا وهو بعيد.
ويحتمل أن يكون المعنى أنه أمر أنبياءه وأوصياءهم بالرفق بعباده الكافرين والمنافقين والإحسان إليهم وتأليف قلوبهم ببذل الأموال وحسن العشرة فيسل بذلك أضغانهم الله وللرسول وللمؤمنين برفق ، ويمكن أن يكون المراد بالتسليل إظهار كفرهم ونفاقهم على المؤمنين لئلا ينخدعوا منهم كما قال سبحانه : « أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغانَهُمْ » أي أحقادهم على المؤمنين ثم قال : « وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ » ، « إِنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْئَلْكُمْ أَمْوالَكُمْ ، إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغانَكُمْ » (١) قالوا إن يسألكموها فيحفكم أي يجهدكم بمسألة جميعها أو أجرا على الرسالة فيبالغ فيه تبخلوا بها فلا تعطوها ويخرج أضغانكم أي بغضكم وعداوتكم لله والرسول ، ولكنه فرض عليكم ربع العشر أو لم يسألكم أجرا على الرسالة ، وهذا يؤيد المعنى السابق أيضا.
قوله : ومضادتهم لهواهم وقلوبهم ، هذا أيضا يحتمل وجوها : « الأول » أن يكون معطوفا على الأضغان أي من لطفه بعباده دفع مضادة أهوية بعضهم لبعض وقلوب بعضهم لبعض ، فيكون قريبا من الفقرة السابقة على بعض الوجوه.
الثاني : أن يكون عطفا على تسليله ، أي من لطفه بعباده المؤمنين أن جعل
__________________
(١) سورة محمّد : ٢٩.