يقال له : بدر كثير الأراك لكأني أنظر إليه حيث كنت أرعى لسيدي هناك وهو رجل من بني ضمرة فقال له جعفر أيها الملك فما لي أراك جالسا على التراب وعليك هذه الخلقان فقال له يا جعفر إنا نجد فيما أنزل الله على عيسى عليهالسلام أن من حق الله على عباده أن يحدثوا له تواضعا عند ما يحدث لهم من نعمة فلما أحدث الله عز وجل لي نعمة ـ بمحمد صلىاللهعليهوآله أحدثت لله هذا التواضع فلما بلغ النبي صلىاللهعليهوآله
______________________________________________________
العود ، ولها ثمر في عناقيد يسمى البرين يملأ العنقود الكف.
« لكأني أنظر إليه » أي هو في بالي كأني أنظر إليه الآن ، وحيث للتعليل ، ويحتمل المكان بدلا من الضمير ، وبنو ضمرة بفتح الضاد وسكون الميم رهط عمر وبن أمية الضمري ، وقيل : لكأني ، حكاية كلام العين وهو بعيد ، بل هو إشارة إلى ما ذكروا أن والد النجاشي كان ملك الحبشة ولم يكن له ولد غيره ، وكان للنجاشي عم له اثنا عشر ولدا وأهل الحبشة قتلوا والد النجاشي وأطاعوا عمه وجعلوه ملكا وكان النجاشي في خدمة عمه ، فقالت الحبشة للملك : إنا لا نأمن هذا الولد أن يتسلط علينا يوما ويطلب منا دم والده فاقتله قال الملك : قتلتم والده بالأمس وأقتل ولده اليوم ، أنا لا أرضى بذلك وإن أردتم بيعوه من رجل غريب يخرجه من دياركم ففعلوا ذلك فبعد زمان أصيب الملك بصاعقة فمات ولم يكن أحد من أولاده قابلا للسلطنة فاضطروا إلى أن أتوا وأخذوا النجاشي من سيده قهرا بلا ثمن وردوه إلى بلادهم وملكوه عليهم فجاء سيده وادعى عليهم ورفع أمره إلى النجاشي وهو لا يعرفه فحكم له عليهم ، وقال : أعطوه أما الغلام وإما الثمن ، فأدوا إليه الثمن.
والتواضع هو إظهار الخشوع والخضوع والذل والافتقار إليه تعالى عند ملاحظة عظمته وعند تجدد نعمه تعالى أو تذكرها ، ولذا استحبت سجدة الشكر في هذه الأمة ، وورد مثل هذا التذلل بلبس أخس الثياب وأخشنها وإيصال مكارم البدن إلى التراب في بعض صلوات الحاجة.