وقد نفدت نفقتي في بعض الأسفار فقال لي بعض أصحابنا من تؤمل لما قد نزل بك فقلت فلانا فقال إذا والله لا تسعف حاجتك ولا يبلغك أملك ولا تنجح طلبتك قلت وما علمك رحمك الله قال إن أبا عبد الله عليهالسلام حدثني أنه قرأ في بعض الكتب أن الله تبارك وتعالى يقول وعزتي وجلالي ومجدي وارتفاعي على عرشي لأقطعن أمل كل مؤمل [ من الناس ] غيري باليأس ولأكسونه ثوب المذلة عند الناس ولأنحينه من قربي ولأبعدنه من فضلي أيؤمل غيري في الشدائد والشدائد بيدي ويرجو غيري ويقرع بالفكر باب غيري وبيدي مفاتيح الأبواب
______________________________________________________
على بناء المفعول وفي بعضها بالياء فهما على بناء الفاعل وحينئذ « لا يبلغك » علي التفعيل أو الأفعال والضمائر المستترة لفلان ، وما علمك أي ما سبب علمك.
والعزة الشدة والقوة والغلبة والسلطنة والملك ، قال الراغب : العزة حالة مانعة للإنسان من أن يقهر من قولهم أرض عزاز أي صلبة والعزيز الذي يقهر ولا يقهر والجلالة العظمة والتنزه عن النقائص ، قال الراغب : الجلالة عظم القدر ، والجلال بغير الهاء التناهي في ذلك ، وخص بوصف الله فقيل : ذو الجلال ولم يستعمل في غيره ، والجليل : العظيم القدر ، ووصفه تعالى بذلك إما لخلقه الأشياء العظيمة المستدل بها عليه أو لأنه يجل عن الإحاطة به أو لأنه يجل عن أن يدرك بالحواس وقال : المجد السعة في الكرم والجلالة ، انتهى.
وارتفاعه إما على عرش العظمة والجلال أو هو كناية عن استيلائه على العرش العظيم ، فهو يتضمن الاستيلاء علي كل شيء لأن تقدير جميع الأمور فيه ، أو لكونه محيطا بالجميع ، أو المراد بالعرش جميع الأشياء وهو أحد إطلاقاته كما مر.
وقوله باليأس متعلق بقوله : لا قطعن أي ييأس غالبا أو إلا بإذنه تعالى ، وإضافة الثوب إلى المذلة من إضافة المشبه به إلى المشبه ، والكسوة ترشيح التشبيه ، ولأنحينه أي لأبعدنه وأزيلنه « والشدائد بيدي » أي تحت قدرتي و « يقرع بالفكر » تشبيه الفكر باليد مكنية ، وإثبات القرع له تخييلية وذكر الباب ترشيح.