.................................................................................................
______________________________________________________
وصرفها في وجوه البر وإعانة المحتاجين والصدقات وصون الوجه عن السؤال وأمثال ذلك ، فإن هذه كلها من أعمال الآخرة وإن كان عامة الخلق يعدونها من الدنيا ، والرياضات المبتدعة والأعمال الريائية وإن كان مع الترهب وأنواع المشقة فإنها من الدنيا لأنها مما يبعد عن الله ولا يوجب القرب إليه كأعمال الكفار والمخالفين ، فرب مترهب متقشف يعتزل الناس ويعبد الله ليلا ونهارا وهو أحب الناس للدنيا ، وإنما يفعل ذلك ليخدع الناس ويشتهر بالزهد والورع ، وليس في قلبه إلا جلب قلوب الناس ويحب المال والجاه والعزة وجميع الأمور الباطلة أكثر من سائر الخلق ، وجعل ترك الدنيا ظاهرا مصيدة لتحصيلها ورب تاجر طالب الأجر لا يعده الناس شيئا وهو من الطالبين للآخرة لصحة نيته وعدم حبه للدنيا.
وجملة القول في ذلك : أن المعيار في العلم بحسن الأشياء وقبحها وما يحب فعلها وتركها الشريعة المقدسة وما صدر في ذلك عن أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم ، فما علم من الآيات والأخبار أن الله تعالى أمر به وطلبه من عباده سواء كان صلاة أو صوما أو حجا أو تجارة أو زراعة أو صناعة أو معاشرة للخلق أو عزلة أو غيرها وعملها بشرائطها وآدابها بنية خالصة فهي من الآخرة.
وما لم يكن كذلك فهو الدنيا المذمومة المبعدة عن الله وعن الآخرة ، وهي على أنواع : فمنها ما هو حرام وهو ما يستحق به العقاب سواء كان عبادة مبتدعة أو رياء وسمعة أو معاشرة الظلمة أو ارتكاب المناصب المحرمة أو تحصيل الأموال من الحرام أو للحرام ، وغير ذلك مما يستحق به العقاب ، ومنها ما هو مكروه كارتكاب الأفعال والأعمال والمكاسب المكروهة وكتحصيل الزوائد من الأموال والمساكن والمراكب وغيرها مما لم تكن وسيلة لتحصيل الآخرة وتمنع من تحصيل السعادات الأخروية ومنها ما هو مباح كارتكاب الأعمال التي لم يأمر الشارع بها ولم ينه عنها إذا لم