خف الله عز وجل خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك وارج الله رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك ثم قال أبو عبد الله عليهالسلام كان أبي يقول إنه ليس من عبد مؤمن
______________________________________________________
ذلك الارتياح رجاء ، فالرجاء هو ارتياح القلب لانتظار ما هو محبوب ، ولكن ذلك المحبوب المتوقع لا بد وأن يكون له سبب ، فإن كان انتظاره لأجل حصول أكثر أسبابه فاسم الرجاء عليه صادق ، وإن كان ذلك انتظارا مع عدم تهيئ أسبابه واضطرابها ، فاسم الغرور والحمق عليه أصدق من اسم الرجاء ، وإن لم تكن الأسباب معلومة الوجود ولا معلومة الانتفاء فاسم التمني أصدق على انتظاره لأنه انتظار من غير سبب ، وعلى كل حال فلا يطلق اسم الرجاء والخوف إلا على ما يتردد فيه ، أما ما يقطع به فلا ، إذ لا يقال أرجو طلوع الشمس وقت الطلوع وأخاف غروبها وقت الغروب ، لأن ذلك مقطوع به ، نعم يقال أرجو نزول المطر وأخاف انقطاعه.
وقد علم أرباب القلوب أن الدنيا مزرعة الآخرة ، والقلب كالأرض والإيمان كالبذر فيه والطاعات جارية مجرى تقليب الأرض وتطهيرها ومجرى حفر الأنهار وسياقة الماء إليها ، والقلب المستغرق بالدنيا كالأرض السبخة التي لا ينمو فيها البذر ، ويوم القيامة الحصاد ولا يحصد أحد إلا ما زرع ولا ينمو زرع إلا من بذر الإيمان وقل ما ينفع إيمان مع خبث القلب وسوء أخلاقه كما لا ينمو بذر في أرض سبخة.
فينبغي أن يقاس رجاء العبد للمغفرة برجاء صاحب الزرع فكل من طلب أرضا طيبة وألقى فيها بذرا جيدا غير عفن ولا مسوس ثم أمده بما يحتاج إليه وهو سياق الماء إليه في أوقاته ثم نقى الأرض عن الشوك والحشيش وكلما يمنع نبات البذر أو يفسده ثم جلس منتظرا من فضل الله دفع الصواعق والآفات المفسدة إلى أن يثمر الزرع ويبلغ غايته سمي انتظاره رجاء ، وإن بث البذر في أرض صلبة سبخة مرتفعة لا ينصب الماء إليها ولم يشغل بتعهد البذر أصلا ثم انتظر حصاد الزرع يسمى انتظاره حمقا وغرورا لا رجاء ، وإن بث البذر في أرض طيبة ولكن لا ماء