أبي عبد الله عليهالسلام قال قال أبو جعفر عليهالسلام مثل الحريص على الدنيا كمثل دودة القز كلما ازدادت على نفسها لفا كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غما قال وقال أبو عبد الله عليهالسلام كان فيما وعظ به لقمان ابنه يا بني إن الناس قد جمعوا قبلك لأولادهم فلم يبق ما جمعوا ولم يبق من جمعوا له وإنما أنت عبد مستأجر قد أمرت بعمل ووعدت عليه أجرا فأوف عملك واستوف أجرك ولا تكن في هذه الدنيا بمنزلة شاة وقعت في زرع أخضر فأكلت حتى سمنت (١) فكان حتفها عند سمنها ولكن اجعل الدنيا بمنزلة قنطرة على نهر جزت عليها وتركتها ولم ترجع إليها آخر الدهر أخربها ولا تعمرها فإنك لم تؤمر بعمارتها واعلم أنك ستسأل غدا إذا وقفت بين يدي الله عز وجل عن أربع شبابك فيما أبليته وعمرك فيما أفنيته ومالك مما اكتسبته وفيما أنفقته فتأهب لذلك وأعد له
______________________________________________________
قال بعضهم : القز الإبريسم ، مثل الحنطة والدقيق ، انتهى.
« ولفا » تميز عن نسبة ازدادت ، وغما مفعول له أو حال « فلم يبق ما جمعوا » في بعض النسخ ما جمعوا له ، وكأنه زيد « له » من النساخ ، وعلى تقديره كان المعنى لم تبق الأغراض والمطالب الباطلة التي جمعوا لها الدنيا كالجاه والعزة والغلبة والفخر وأمثالها « فكان حتفها » أي هلاكها المعنوي فإن التمتع بالمستلذات الجسمانية موجب لقوة القوى الشهوانية وطغيانها ، وهذا استعارة تمثيلية شبه توسع الإنسان في لذات الدنيا وشهواتها وعدم مبالاته بحرامها وشبهاتها وابتلائه بعد الموت بعقوباتها بشاة وقعت في زرع أخضر فأكلت منها حيث شاءت وكيف شائت بلا مانع حتى إذا سمنت قتلها صاحبها لسمنها.
« آخر الدهر » أي إلى آخر الزمان أي أبدا « أخربها » أي دعها خرابا بترك ما لا تحتاج إليه من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح والمساكن ، والاقتصار على القدر الضروري في كل منها « ستسأل » قيل : السين لمحض التأكيد « فيما أبليته »
__________________
(١) كذا في الأصل والظاهر « سمنت » بالتاء.