لمعروف ربك وجدد التوبة في قلبك واكمش في فراغك قبل أن يقصد قصدك ويقضى
______________________________________________________
والأخلاق المرضية فإن من أراد سفرا يأخذ الأسلحة لدفع ضرر الطريق ويجهز ويهيئ ما يحتاج إليه في ذلك السفر « واكشف الغطاء عن وجهك » أي ارفع غطاء الغفلة عن وجه قلبك لتميز بين الحق والباطل والفاني والباقي أو عن الجهة التي تتوجه إليه ، والطريق الذي تسلكه لئلا يشتبه عليك فتسلك طريقا يؤديك إلى النار وأنت لا تعلم « وتعرض لمعروف ربك » بما به تستحق إحسانه وتفضله عليك من صالح النيات والأعمال.
« وجدد التوبة في قلبك » أي كلما ذكرت معاصيك ، وفي النسبة إلى القلب إشعار بأن التوبة أمر قلبي وهي الندامة عما مضى والعزم على عدم الإتيان بمثله فيما سيأتي ، وفيه دلالة على حسن تكرار التوبة وإن كانت عن معصية واحدة « واكمش » أي أسرع وعجل ، في الصحاح : الكمش الرجل السريع الماضي ، وقد كمش بالضم كماشة فهو كمش وكميش وكمشته تكميشا أعجلته ، وانكمش أسرع ، انتهى.
« في فراغك » أي في أن تفرغ من الأمور التي تحتاج إليه في الآخرة أو في فراغك من الدنيا وجعلك نفسك فارغة منها للآخرة أو في قصدك إلى الآخرة أو أسرع في العمل في أيام فراغك قبل أن تشتغل أو تبتلي بشيء يمنعك عنه ، فإن الفراغ خلاف الشغل ، قال في المصباح : فرغ من الشغل فروغا من باب قعد ، ومن باب تعب لغة لبني تميم والاسم الفراغ ، وفرغت للشيء وإليه قصدت.
أقول : ويؤيد المعنى الأخير ما روي في مجالس الشيخ عن ابن عمر : خذ من حياتك لموتك ، وخذ من صحتك لسقمك ، وخذ من فراغك لشغلك ، فإنك يا عبد الله لا تدري ما اسمك غدا ، وما رواه الصدوق في مجالسه عن الكاظم عن آبائه عليهمالسلام