جوابا ولا تأس على ما فاتك من الدنيا فإن قليل الدنيا لا يدوم بقاؤه وكثيرها لا يؤمن بلاؤه فخذ حذرك وجد في أمرك واكشف الغطاء عن وجهك وتعرض
______________________________________________________
أو حرام ، لا ينافي عدم محاسبتهم على ما أنفقوه في الحلال من مأكلهم ومسكنهم وملبسهم ونحو ذلك ، أو المراد بتلك الأخبار أنهم لا يعاتبون بذلك ولا يقاص من حسناتهم بها ، فلا ينافي أصل المحاسبة كما روى الشيخ في مجالسه بإسناده عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : يوقف العبد بين يدي الله فيقول : قيسوا بين نعمتي عليه وبين عمله ، فتستغرق النعم العمل ، فيقولون : قد استغرق النعم العمل ، فيقول : هبوا له نعمتي وقيسوا بين الخير والشر منه فإن استوى العملان أذهب الله الشر بالخير ، وأدخله الجنة وإن كان له فضل أعطاه الله بفضله ، وإن كان عليه فضل وهو من أهل التقوى ولم يشرك بالله تعالى ، واتقى الشرك به فهو من أهل المغفرة يغفر الله له برحمته إن شاء ويتفضل عليه بعفوه.
وقال الجوهري : تأهب استعد وأهبه الحرب عدتها وقال : الأسي مفتوح مقصور : الحزن ، وأسى على مصيبته بالكسر يأسى أسى أي حزن « لا يدوم بقاؤه » والعاقل لا يتأسف بفوات قليل لا بقاء له.
« لا يؤمن بلاؤه » أي في الدنيا والآخرة ، والعاقل لا يتأسف بفوت ما يتوقع منه الضرر والبلية ، مع أن الرب الذي فوتها عليه أعلم بمصلحته ، أو المعنى لا تحزن على ما لم يصل إليك من الدنيا فإن الصبر على قليل الدنيا وقلته سهل فإنه لا يدوم وينقضي قريبا بالموت ، والكثرة محل الآفات « فخذ حذرك » بالكسر أي ما تحذر به من مكائد النفس والشيطان في الدنيا والعذاب في الآخرة قال الراغب في قوله تعالى : « خُذُوا حِذْرَكُمْ » (١) أي ما فيه الحذر من السلاح وغيره « وجد في أمرك » أي في تهيئة سفر الآخرة والاستعداد للقاء الله من العقائد الحسنة والأعمال الصالحة
__________________
(١) سورة النساء : ٧١.