.................................................................................................
______________________________________________________
إعراضها عن هذا الميل ورجوعها إلى ما يوجب قرب الحق تعالى ورضاه ، وقد قال تعالى مخاطبا لداود عليهالسلام : « إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ ، إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما نَسُوا يَوْمَ الْحِسابِ » (١) فبين سبحانه أن متابعة الهوى أي ما تهوي الأنفس مخالفة لاتباع سبيل الله وسلوك طريق الحق.
ثم بين أن متابعة الهوى متفرع على نسيان يوم الحساب فإن من تذكر الآخرة ونعيمها وعذابها لا يتبع الأهواء النفسانية والدواعي الشهوانية وقال سبحانه : « فَأَمَّا مَنْ طَغى وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى ، وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى » (٢) فأشار إلى أن إيثار الحياة الدنيا مقابل لنهي النفس عن الهوى واتباع الهوى إيثار الحياة الدنيا ولذاتها على الآخرة. وقال سبحانه : « أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً » (٣) وقال عز من قائل : « فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ » (٤) ومثله في الكتاب العزيز كثير.
قوله عليهالسلام : ألا كففت عليه ضيعته ، قال في النهاية : فيه أمرت أن لا أكف شعرا ولا ثوبا يعني في الصلاة يحتمل أن يكون بمعنى المنع أي لا أمنعها من الاسترسال حال السجود ، ليقعا على الأرض ، ويحتمل أن يكون بمعنى الجمع أي لا يجمعهما ويضمهما ، ومنه الحديث : المؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته ، أي يجمع عليه
__________________
(١) سورة ص : ٢٦.
(٢) سورة النازعات : ٤٠.
(٣) سورة الفرقان : ٤٣.
(٤) سورة القصص : ٥٠.