نفسه إلا كففت عليه ضيعته وضمنت السماوات والأرض رزقه وكنت له من وراء تجارة كل تاجر.
______________________________________________________
معيشته ويضمها إليه ، وقال في حديث سعد : إني أخاف على الأعناب الضيعة أي أنها تضيع وتتلف ، والضيعة في الأصل المرة من الضياع ، وضيعة الرجل في غير هذا ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك ، ومنه الحديث : أفشى الله عليه ضيعته أي أكثر عليه معاشه ، انتهى.
وأقول : هذه الفقرة تحتمل وجوها : الأول : ما ذكره في النهاية أي جمعت عليه ضيعته ومعيشته ، والتعدية بعلى لتضمين معنى البركة أو الشفقة ونحوهما ، أو على بمعنى إلى كما أومأ إليه في النهاية فيحتاج أيضا إلى تضمين.
الثاني : أن يكون الكف بمعنى المنع وعلى بمعنى عن والضيعة بمعنى الضياع ، أي أمنع عنه ضياع نفسه وما له وولده وسائر ما يتعلق به ، ويؤيده أن الصدوق (ره) رواه في الخصال عن ابن الوليد عن الصفار عن الحسن بن علي بن فضال عن عاصم عن أبي عبيدة ، وفيه : وكففت عنه ضيعته.
الثالث : ما ذكره بعض المحققين وتبعه غيره أنه من الكفاف وهو ما يفي بمعيشته ويغنيه عن غيره ، أي جعلت معيشته مباركا عليه كفافا له ، ولا يخفى بعده لفظا إذ لا تساعده اللغة.
قوله تعالى : وضمنت ، على صيغة المتكلم من باب التفعيل أي جعلت السماوات والأرض ضامنتين لرزقه كناية عن تسبيب الأسباب السماوية والأرضية له وربما يقرأ بصيغة الغائب على بناء المجرد ، ورفع السماوات والأرض ، وهو بعيد « وكنت له من وراء تجارة كل تاجر » الوراء فعال ولامه همزة عند سيبويه وأبي علي الفارسي ، وياء عند العامة ، وهو من ظروف المكان بمعنى قدام وخلف ، والتجارة مصدر بمعنى البيع والشراء للنفع وقدير أدبها ما يتجر به من الأمتعة ونحوها على تسمية المفعول باسم المصدر ، وهذه الفقرة أيضا تحتمل وجوها :