وجل إن من أغبط أوليائي عندي رجلا خفيف الحال ذا حظ من صلاة أحسن
______________________________________________________
من الدنيا والأول أيضا قريب منه ، قال في النهاية : فيه أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يشبع من طعام إلا على حفف ، الحفف الضيق وقلة المعيشة ، يقال : أصابه حفف وحفوف ، وحفت الأرض إذا يبس نباتها ، أي لم يشبع إلا والحال عنده خلاف الرخاء والخصب ، ومنه حديث قال له وفد العراق إن أمير المؤمنين بلغ منا وهو حاف المطعم أي يابسه وقحله ومنه رأيت أبا عبيدة حفوفا أي ضيق عيش ، ومنه أن عبد الله بن جعفر حفف وجهد أي قل ماله ، انتهى.
« ذا حظ من صلاة » أي صاحب نصيب حسن وافر من الصلاة فرضا ونفلا كما وكيفا ، ويحتمل أن يكون من للتعليل أي ذا حظ عظيم من القرب أو الثواب أو العفة وترك المحرمات أو الأعم بسبب الصلاة لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وهي قربان كل تقي.
« أحسن عبادة ربه بالغيب » أي غائبا عن الناس والتخصيص لأنه أخلص وأبعد من الرياء أو بسبب إيمانه بموعود غائب عن حواسه كما قال تعالى : « يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ » (١) أو الباء للآلة أي إحسان عبادتهم بالقلب لا بالجوارح الظاهرة فقط والأول أظهر.
« وكان غامضا في الناس » في النهاية أي مغمورا غير مشهور.
وأقول : إما للتقية أو المعنى أنه ليس طالبا للشهرة ورفعة الذكر بين الناس « جعل » على بناء المفعول « رزقه كفافا » أي بقدر الحاجة وبقدر ما يكفه عن السؤال قال في النهاية : الكفاف هو الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة إليه ، ومنه لا تلام على كفاف ، أي إذا لم يكن عندك كفاف لم تلم على أن لا تعطى أحدا ، وفي المصباح : قوته كفاف ، بالفتح أي مقدار حاجته من غير زيادة ولا نقص ، سمي بذلك لأنه يكف عن سؤال الناس ويغني عنهم.
__________________
(١) سورة البقرة : ٥.