فذلك منك قول كريم قال « وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ » قال لا تملأ
______________________________________________________
وسخ الأظفار ، ثم استعمل فيما يستقذر ثم في الضجر ، وقيل : معناه الاحتقار.
وقال الطبرسي (ره) روي عن الرضا عن أبيه عن أبي عبد الله عليهمالسلام قال : لو علم الله لفظة أوجز في ترك عقوق الوالدين من أف لأتى به ، وفي رواية أخرى عنه عليهالسلام قال : أدنى العقوق أف ، ولو علم الله شيئا أيسر منه وأهون منه لنهى عنه ، فالمعنى لا تؤذهما بقليل ولا كثير « وَلا تَنْهَرْهُما » أي لا تزجرهما بإغلاظ وصياح ، وقيل : معناه لا تمتنع من شيء أراداه منك كما قال : « وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ » « وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً » وخاطبهما بقول رفيق لطيف حسن جميل بعيد عن اللغو والقبيح ، يكون فيه كرامة لهما « وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ » أي وبالغ في التواضع والخضوع لهما قولا وفعلا برا بهما وشفقة لهما ، والمراد بالذل هيهنا اللين والتواضع دون الهوان ، من خفض الطائر جناحه إذا ضم فرخه إليه فكأنه سبحانه قال : ضم أبويك إلى نفسك كما كانا يفعلان بك وأنت صغير ، وإذا وصفت العرب إنسانا بالسهولة وترك الإباء قالوا : هو خافض الجناح ، انتهى.
وقال البيضاوي : واخفض لهما ، أي تذلل لهما وتواضع فيهما ، جعل للذل جناحا وأمر بخفضها مبالغة وأراد جناحه كقوله : واخفض جناحك للمؤمنين ، وإضافته إلى الذل البيان والمبالغة ، كما أضيف حاتم إلى الجود ، والمعنى واخفض لهما جناحك الذليل ، وقرئ الذل بالكسر وهو الانقياد ، انتهى.
والضجر والتضجر التبرم قوله : لا تمل (١) ، الظاهر لا تملأ بالهمزة كما في مجمع البيان وتفسير العياشي ، وأما على ما في نسخ الكتاب فلعله أبدلت الهمزة حرف علة ثم حذفت بالجازم فهو بفتح اللام المخففة ولعل الاستثناء في قوله : إلا برحمة ، منقطع والمراد بملإ العينين حدة النظر ، والرقة رقة القلب ، وعدم رفع الصوت نوع من الأدب كما قال تعالى : « لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ » (٢).
__________________
(١) هذا على ما في النسخ الموجودة عند الشارح (ره) والا ففي التي عندنا « لا تملأ » كما في المتن.
(٢) سورة الحجرات : ٢.