عينيك من النظر إليهما إلا برحمة ورقة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يدك فوق أيديهما ولا تقدم قدامهما
______________________________________________________
« ولا يدك فوق أيديهما » الظاهر أن المراد أن عند التكلم معهما لا ترفع يدك فوق أيديهما كما هو الشائع عند العرب أنه عند التكلم يبسطون أيديهم ويحركونها ، وقال الوالد قدس الله روحه : المراد أنه إذا نلتهما شيئا فلا تجعل يدك فوق أيديهما وتضع شيئا في يدهما بل أبسط يدك حتى يأخذا منها ، فإنه أقرب إلى الأدب ، وقيل : المعنى لا تأخذ أيديهما إذا أرادا ضربك « ولا تقدم قدامهما » أي في المشي أو في المجالس أيضا.
ثم اعلم أنه لا ريب في رعاية تلك الأمور من الآداب الراجحة لكن الكلام في أنها هل هي واجبة أو مستحبة ، وعلى الأول هل تركها موجب للعقوق أم لا بحيث إذا قال لهما أف خرج من العدالة واستحق العقاب؟ فالظاهر أنه بمحض إيقاع هذه الأمور نادرا لا يسمى عاقا ما لم يستمر زمان ترك برهما ، ولم يكونا راضيين عنه لسوء أفعاله وقلة احترامه لهما ، بل لا يبعد القول بأن هذه الأمور إذا لم يصر سببا لحزنهما ولم يكن الباعث عليها قلة اعتنائه بشأنهما واستخفافهما لم تكن حراما بل هي من الآداب المستحبة وإذا صارت سبب غيظهما واستمر على ذلك يكون عاقا وإذا رجع قريبا وتداركهما بالإحسان وأرضاهما لم تكن في حد العقوق ولا تعد من الكبائر.
ويؤيده ما رواه الصدوق في الصحيح قال : سأل عمر بن يزيد أبا عبد الله عليهالسلام عن إمام لا بأس به في جميع أموره عارف غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغيظهما أقرأ خلفه؟ قال : لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا ، والأحوط ترك الجميع.
وقد روى الصدوق بأسانيد عن الرضا عليهالسلام أنه قال : أدنى العقوق أف ، ولو لو علم الله عز وجل شيئا أهون من أف لنهى عنه.