٦ ـ وفي خطبة اخرى مشهورة : لا نصحبه الاوقات ، ولا ترفده (١) الادوات سبق الاوقات كونه ، والعدم وجوده ، والابتداء أزله إلى قوله عليهالسلام لا يجري عليه السكون والحركة وكيف يجري عليه ما هو أجراه ، ويعود فيه ما هو أبداه ، ويحدث فيه ما ه أحدثه؟ إذا التفاوتت ذاته ، ولتجزأ كنهه ، ولامتنع من الازل معناه إلى قوله عليهالسلام يقول لما (٢) أراد كونه : كن ، فيكون ، لا بصوت يقرع ، ولانداء (٣) يسمع ، وإنما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثله ، لم يكن من قبل ذلك كائنا ، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا ، لا يقال كان بعد أن لم يكن فتجري عليه الصفات المحدثات ، ولا يكون بينها وبينه فصل ، ولاله عليها فضل فيستوي الصانع والمصنوع ، ويتكافأ المبتدع والبديع ، خلق الخلائق على غير مثال خلا من غيره ، ولم يستعن على خلقها بأحد من خلقه ، وأنشأ الارض فأمسكها من غير اشتغال ، وأرساها على غير قرار ، وأقامها بغير قوائم ، ورفعها بغير دعائم وحصنها من الاود والاعوجاج ، ومنعها من التهافت والانفراج. أرسى أوتادها وضرب أسدادها ، واستفاض عيونها ، وخد أوديتها ، فلم يهن ما بناه ، ولا ضعف ما قواه إلى قوله عليهالسلام هو المنفي لها بعد وجودها حتى يصير موجودها كمفقودها ، وليس فناء الدنيا بعدابتدائها بأعجب من إنشائها واختراعها إلى قوله عليهالسلام وإنه (٤) سبحانه يعود بعد فناء الدنيا وحده لا شئ معه كما كان قبل ابتدائها ، كذلك يكون بعد فنائها. بلا وقت ولا مكان ، ولا حين ولا زمان عدمت عند ذلك الآجال والاوقات ، وزالت السنون والساعات ، فلا شئ إلا الواحد القهار ، الذي إليه مصير جميع الامور ، بلا قدرة منها كان ابتداء خلقها ، وبغير امتناع منها كان فناؤها ، ولو قدرت على الامتناع لدام بقاؤها ، لم يتكاءده صنع شئ
____________________
(١) في بعض النسخ ، ولا تردفه.
(٢) في المصدر : لمن أراد.
(٣) في المصدر : بنداء.
(٤) في المصدر : وإن الله.