إثبات أن الاجسام ممكنة الوجود مصنوعة معلومة تحتاج إلى صانع يصنعها ويوجدها وعلى الثاني يكون مبنيا على ما سبق في الاخبار الكثيرة أن كل قديم لا يكون إلا واجبا بالذات ، والمعلول لا يكون إلا حادثا بالزمان ، وهو أظهر ، وهكذا فهمه الصدوق وأورده في باب حدوث العالم وعقبه بالدلائل المشهورة عند المتكلمين على الحدوث. وقيل : حاصل استدلاله عليهالسلام إما راجع إلى دليل المتكلمين من أن عدم الانفكاك من الحوادث يستلزم الحدوث ، وإما إلى أنه لا يخلو إما أن يكون بعض تلك الاحوال الزائلة المتغيرة قديما أن يكون كلها حوادث ، وهما محالان ، أما الاول فلما تقرر عندهم أما ما ثبت قدمه امتنع عدمه ، وأما الثاني فلاستحالة التسلسل في الامور المتعاقبة ، والاول أظهر (١).
٣٣ ـ الكافى : عن أحمد بن مهران ، عن عبدالعظيم الحسني ، عن علي بن أسباط ، عن خلف بن حماد ، عن ابن مسكان ، عن مالك الجهني ، قال : سألت أبا عبدالله عليهالسلام عن قول الله عزوجل « أو لم ير الانسان أنا خلقناه ولم يك شيئا » قال : فقال لا مقدارا ولا مكونا. قال : وسألته عن قوله عزوجل « هل أتى على الانسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا » قال : كان مقدرا غير مذكور (٢).
____________________
(١) يظهر بالتأمل في الرواية ، أن الامام عليهالسلام يستدل بتغير العالم وأخيرا بامكان تغيره على حدوثه يعنى أنه يمكن عدمه؟ وهو معنى الحدوث الذاتى وهو أول الاحتمالمين المذكورين في كلام العلامة المؤلف رضوان الله عليه فأمعن النظر في قوله عليهالسلام « لان الذى يزول ويحول يجوز أن يوجد أو يبطل » وفي قوله « وفي جواز التغيير عليه خروجه من القدم » فان إمكان التغير لا يثبت عدمه في زمان ما حتى يثبت الحدوث الزمانى ، وإنما يثبت إمكانى عدمه ذاتا وهو الحدوث الذاتى. ولسنا نعنى بهذا أن العالم ليس بحادث زمانى ، كلا! وإنما نعنى أن المراد بهذا الكلام إثبات الصانع وحدوث ما سواء ذاتا.
وربما يظهر من هنا أن المراد بالحدوث والقدم في سائر الروايات التى تجرى هذا المجرى الحدوث والقدم الذاتيان ، ولكن حيث كان يصعب تفكيك الذاتيين من الزمانيين على افهام العامة بل على كثير من أهل البحث والنظر جرى كلامهم عليهم الصلوة والسلام مجرى يحتمل الوجهين فتأمل جيدا.
(٢) الكافى : ج ١ ، ١٤٧.