نعم. قال لهم : أقلتم إن العالم قديم ليس بمحدث (١) وأنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به وبمعنى ما جحدتموه؟ قالوا : نعم. قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : فهذا الذي نشاهده (٢) من الاشياء بعضها إلى بعض يفتقر ، لانه لاقوام للبعض إلا بما يتصل إليه (٣) ، كما ترى (٤) البناء محتاجا بعض أجزائه إلى بعض ، وإلا لم يتسق ولم يستحكم ، وكذلك سائر ما نرى (٥). قال : فإن كان هذا المحتاج بعضه إلى بعض لقوته وتمامه هو القديم ، فأخبروني أن لو كان محدثا كيف كان يكون؟ وكيف إذا كانت تكون صفته؟ قال : فبهتوا وعلموا أنهم لا يجدون للمحدث صفة يصفونه بها إلا وهي موجودة في هذا الذي زعموا أنه قديم ، فوجموا وقالوا سننظر في أمرنا. (٦) « الخبر »
بيان : ذهبت الدهرية إلى أن العالم قديم زماني (٧) ، و قالوا إن الاشياء دائمة الوجود لم تزل ولا تزال ، بل بعضهم أنكروا الحوادث اليومية أيضا وذهبوا إلى الكمون والبروز لتصحيح قدم الحوادث اليومية ، و أنكروا وجود ما لم تدكره الحواس الخمس ، ولذا أنكروا وجود الصانع لعدم إدراك الحواس له تعالى ، و قالوا وجود الموجودات من الطبائع المتعاقبة لا إلى نهاية. إذا تقرر هذا فاعلم أن الظاهر أن المطلوب أولا إثبات الحدوث الزماني ، فإن الظاهر من « البدء » البدء الزماني ، ويؤيده قوله « وهي دائمة لم تزل ولا تزال ».
وقوله « أفوجدتم إلى قوله أتقولون ما قبلكم من الليل والنهار » إبطال
____________________
(١) في المصدر : غير محدث.
(٢) في المصدر : تشاهدونه.
(٣) في المصدر : به.
(٤) في بعض النسخ : ترى.
(٥) في بعض النسخ : « ماترون » وفى بعضها « ما يرى ».
(٦) الاحتجاج : ١٠.
(٧) بل إلى أنه قديم ذاتى.