المادي مكان مجرد وهما عارضان للمجردات ولا يمكن فهمه وخارج عن طور العقل كسائر خيالاتهم وأقوالهم.
وعلى أي حال هذه الآية وما سيأتي من أشباهها تدل على حدوث السماوات والارض وما بينهما لان الحادث في اليوم الاخير مثلا مسبوق بخمسة أيام فيكون متناهي البقاء منقطع الوجود في جهة الماضي ، والموجود في اليوم الاول زمان وجوده أزيد على الاخير بقدرمتناه فالجميع متناهي الوجود حادث فيرد على الحكماء كون الزمان ايضا حادثا متناهيا لانه عندهم مقدار حركة الفلك.
وأما ما ذكره الرازي في تفسيره (١) من أن المراد بستة أيام ستة أحوال (٢) وذلك لان السماء والارض وما بينهما ثلاثة أشياء ولكل واحد منهما ذات وصفة فنظرا (٣) إلى خلقه (٤) ذات السماء حالة ، وإلى (٥) خلقه (٦) صفاتها اخرى ، و نظرا (٧) إلى خلقه (٨) ذات الارض وإلى صفاتها كذلك ، ونظرا (٩) إلى ذوات ما بينهما وإلى صفاتها اخرى ( ١٠ ) فهي ستة أشياء في ستة أحوال ، وإنما ذكر الايام لان الانسان إذا رأى (١١) إلى الخلق رآه فعلا ، والفعل ظرفه الزمان والايام أشهر الازمنة ، وإلا فقبل السماوات لم يكن ليل ولا نهار ، وهذا مثل ما يقول القائل لغيره « إن يوما ولدت فيه كان يوما مباركا » وقد يجوز أن يكون ولد ذلك ليلا (١٢) ولا يخرج عن مراده لان المراد الزمان (١٣) الذي هو ظرف
____________________
(١) مفاتيح الغيب ، ج ٦ص ٧٥١ في تفسير سورة السجدة.
(٢) في نظر الناظرين « كذا في مفاتيح الغيب ».
(٣ و ٧ و ٩) فنظر « نسخة ».
(٤ و ٦ و ٨) خلقة ( خ ل ).
(٥) ونظرا لى خلقه « كذا في المدر ».
(١٠) صفاتها كذلك « في المصدر ».
(١١) اذا نظر « مفاتيح الغيب ».
(١٢) أن يكون ذلك قد ولد ليلا « المصدر ».
(١٣) هو الزمان « المصدر ».