وجاء رجل من بني تميم يقال له : عبدالله بن حوزة إلى عسكر الحسين عليهالسلام فناداه القوم : إلى أين ثكلتك اُمّك؟ فقال : إنّي أقدم على ربّ كريم وشفيع مطاع ، فقال الحسين عليهالسلام لأصحابه : « من هذا؟ » فقيل : ابن حوزة ، فقال : «اللهم حزه إلى النار» فاضطربت به فرسه فيجدول فوقع وتعلّقت رجله اليسرى في الركاب وارتفعت اليمنى ، وشدّ عليه مسلم بن عوسجة فضرب رجله اليمنى فطارت ، وعدا به فرسه فضرب رأسه كلّ حجر وكلّ شجر حتى مات وعجّل الله بروحه إلى النار.
ونشب القتال ، فقتل من الجميع جماعة ، وحمل الحرّ بن يزيد على أصحاب عمر بن سعد وهو يتمثّل بقول عنترة :
مازلتُ أرميهم بغُرّةِ وجههِ |
|
بانِهِ (١)حتّى تسربلَ بالدم |
فبرزإليه رجل من بني الحارث فقتله الحرّ.
وبرز نافع بن هلال وهو يقول :
أنا ابنُ هلالِ البجلي |
|
ا على دينِ علي |
فبرز إليه مزاحم بن حريث وهو يقول : أنا على دين عثمان ، فقال له نافع : أنت على دين الشيطان ، وحمل عليه فقتله.
فصاح عمر بن الحجّاج بالناس : يا حمقى ، أتدرون من تبارزون ومن تقاتلون؟ تقاتلون فرسان أهل المصر ، تقاتلون قوماً مستميتين ، لا يبرز إليهم منكم أحدٌ فإنّهم قليل وقلّما يبقون ، واللهّ لو لم ترموهم إلاّ بالحجارة لقتلتموهم ، فقال عمر بن سعد : صدقت الرأي ما رأيت ، فأرسل في الناس واعرض عليهم أن لا يبارز رجل منكم رجلاً منهم.
ثمّ حمل عمرو بن الحجّاج في أصحابه على أصحاب الحسين عليه
__________________
(١) لبانة : صدره. «الصحاح ـ لبن ـ ٦ : ٢١٩٣ ».