فالذي بعثه بالحقّ ، لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دوي شديد وقصف كقصف أجنحة الطير حتّى وقفت بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مرفوفة ، وألقت بغصنها الاَعلى على رأس رسول الله وببعض أغصانها على منكبي ، وكنت عن يمينه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فلمّا نظر القوم إلى ذلك قالوا علوّاً واستكباراً : فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ، فأمرها بذلك فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشدّه دويّاً فكادت تلتف برسول الله.
فقالوا كفراً وعتوّاً : فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه ، فأمره صلىاللهعليهوآلهوسلم فرجع.
فقلت أنا : لا إله إلا الله ، إنّي أوّل مؤمن بك يا رسول الله ، وأوّل من آمن بأنّ الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تصديقاً لنبوّتك وإجلالاً لكلمتك.
فقال القوم : بل ساحرٌ كذّاب ، عجيب السحر ، خفيف فيه ، وهل يصدّقك في أمرك غير هذا؟! يعنونني» (١).
ومنها : خروج الماء من بين أصابعه ، وذلك أنّهم كانوا معه في سفر فشكوا أن لا ماء معهم وأنّهم بعرض التلف وسبيل العطب فقال : «كلاّ إنّ معي ربّي عليه توكّلت» ثمّ دعا بركوة فصبّ فيها ماء ما كان ليروي رجلاً ضعيفاً ، وجعل يده فيها فنبغ الماء من بين أصابعه ، وصيح في الناس فشربوا وسقوا حتّى نهلوا وعلّوا وهم اُلوف وهو يقول : «أشهد أنّي رسول الله حقّاً» (٢)
__________________
(١) نهج البلاغة ٢ : ١٨٣| ذيل الخطبة ١٨٧ ، ونقلها المجلسي في بحار الاَنوار ١٧ : ٣٨٩ | ٥٩.
(٢) انظر : الخرائج والجرائح ١ : ٢٨ | ١٧ ، وكشف الغمة ١ : ٢٣ ـ ٢٤ ، وصحيح البخاري ٤ : ٢٣٤ ، والاَنوار في شمائل النبي المختار ١ : ١٠٥ ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار ١٨ : ٢٧ | ١٠.