ومنها : حنين الجذع الذي كان يخطب عنده صلوات الله عليه ، وذلك أنّه كان في مسجده بالمدينة يستند إلى جذع فيخطب الناس ، فلمّا كثر الناس اتّخذوا له منبراً ، فلمّا صعده حنّ الجذع حنين الناقة فقدت ولدها ، فنزل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فضمّه إليه ، فكان يئنّ أنين الصبيّ الذي يُسكت (١).
ومنها : حديث شاة اُمّ معبد ، وذلك أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا هاجر من مكّة ومعه أبو بكر وعامر بن فهيرة ودليلهم عبدالله بن ارُيقط اللّيثي ، فمرّوا على اُمّ معبد الخزاعيّة ، وكانت امرأة برزة تحتبي وتجلس بفناء الخيمة ، فسألوا تمراً ولحماً ليشتروه ، فلم يصيبوا عنده شيئاً من ذلك ، وإذا القوم مرمّلون ، فقالت : لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في كسر خيمتها فقال : «ما هذه الشاة يا اُمّ معبد»؟
قالت : شاة خلّفها الجهد عن الغنم.
فقال : «هل بها من لبن»؟
قالت : هي أجهد من ذلك.
قال : «أتأذنين في أن أحلبها»؟
قالت : نعم بأبي أنت واُمّي إن رأيت بها حلباً فاحلبها.
فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالشّاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله وقال : «اللّه بارك في شاتها» فتفاجت (٢) ودرّت ، فدعا رسول الله
__________________
(١) انظر : الخرائج والجرائح ١ : ١٦٥ | ٢٥٥ ، ومناقب ابن شهر آشوب ١ : ٩٠ ، وكشف الغمة ١ : ٢٤ ، وصحيح البخاري ٤ : ٢٣٧ ، ودلائل النبوة للبيهقي ٢ : ٥٥٦ و ٥٦١ ، والوفا باحوال المصطفى ١ : ٣٢٢ و ٣٢٣ ، والاَنوار في شمائل النبي المختار ١ : ١٣٤ | ١٤٥.
(٢) تفاجت : أي فتحت ما بين رجليها. انظر «الصحاح ـ فجج ـ ١ : ٣٣٣».