على نفسه طريق معرفة التحليل والتحريم فلذلك خص المؤمن بالذكر. وقوله « وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ » أي يريد ثوابهم وإجلالهم وإكرامهم وتجليلهم ويروى أن قدامة بن مظعون شرب الخمر في أيام عمر بن الخطاب فأراد أن يقيم عليه الحد فقال « لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ » الآية فأراد عمر أن يدرأ عنه الحد فقال علي عليهالسلام أديروه على الصحابة فإن لم يسمع أحدا منهم قرأ عليه آية التحريم فادرءوا عنه الحد وإن كان قد سمع فاستتيبوه وأقيموا عليه الحد فإن لم يتب وجب عليه القتل (١).
وأقول يمكن أن يقال في جواب الشبهة التي أوردها السيد رضياللهعنه لا نسلم أن المباح على الكفار مباح ويمكن أن تكون الإباحة مشروطة بالإيمان كما أن صحة العبادات مشروطة به كما يظهر من كتاب أمير المؤمنين عليهالسلام إلى أهل مصر مع محمد بن أبي بكر وغيره من الأخبار أن الله لا يحاسب المؤمن على لذات الدنيا ويحاسب غيره عليها وإنما أباحها للمؤمنين فالمراد بعمل الصالحات ولاية الأئمة عليهمالسلام وبالتقوى ترك الأطعمة المحرمة فيستفاد من الآية عدم الجناح على المؤمنين في أي شيء أكلوا وشربوا إذا اجتنبوا المأكولات والمشروبات المحرمة وثبوت الجناح على المؤمنين إذا أكلوا وشربوا الحرام وعلى غيرهم مطلقا لعدم حصول شرط الإباحة فيهم ويحتمل على وجه بعيد أن يكون المراد أن صرف المستلذات لا يضر لمن كمل إيمانه وإنما يضر الناقصين الذين يصير ذلك سببا لطغيان نفوسهم وغلبة الشهوات المحرمة عليهم فالرياضات البدنية مستحبة مطلوبة لأمثال هؤلاء لتكميل نفوسهم وإخراج الشهوات وحب اللذات عن قلوبهم.
« قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ » قال في المجمع (٢) لما بين سبحانه الحلال والحرام بين أنهما لا يستويان فقال سبحانه « قُلْ » يا محمد « لا يَسْتَوِي » أي لا يتساوى « الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ » أي الحرام والحلال عن الحسن والجبائي وقيل الكافر والمؤمن
__________________
(١) مجمع البيان ٣ : ٢٤٠ ـ ٢٤٢.
(٢) مجمع البيان ٣ : ٢٤٩.