عن السدي « وَلَوْ أَعْجَبَكَ » أيها السامع أو أيها الإنسان « كَثْرَةُ الْخَبِيثِ » أي كثرة ما تراه من الحرام لأنه لا يكون في الكثير من الحرام بركة ويكون في القليل من الحلال بركة وقيل إن الخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله والمراد أمته « فَاتَّقُوا اللهَ » أي فاجتنبوا ما حرم الله عليكم « يا أُولِي الْأَلْبابِ » يا ذوي العقول « لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » أي لتفلحوا وتفوزوا بالثواب العظيم والنعيم المقيم انتهى.
وأقول يمكن تعميم الطيب والخبيث بحيث يشمل كل ما فيه جهة خبث ورداءة واقعية سواء كان إنسانا أو مالا أو مأكولا أو مشروبا فإنه لا يستوي مع الطيب الطاهر من ذلك الجنس وإن كان الخبيث أكثر أي ليس مدار القبول والكمال على الكثرة بل على الحسن والطيب الواقعيين ولا يخفى أنه لا يدخل فيهما الخبيث والطيب الذين اصطلح عليهم الأصحاب من كون الشيء مرغوبا للناس أو عدمه ما حرم عليكم أي بقوله « حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ».
« إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ » مما حرم عليكم فإنه أيضا حلال حال الضرورة « وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ » بتحليل الحرام وتحريم الحلال « بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ » أي بتشهيهم بغير تعلق بدليل يفيد العلم « إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ » أي المتجاوزين الحق إلى الباطل والحلال إلى الحرام.
أقول ويدل على أن الأصل في المأكولات لا سيما في الذبائح الحل ولا يجوز الحكم بالتحريم إلا بدليل وإنه تحل المحرمات عند الضرورة أي ضرورة كانت.
« هُوَ الَّذِي أَنْشَأَ » في المجمع أي خلق وابتدأ على مثال (١) « جَنَّاتٍ » أي بساتين فيها الأشجار المختلفة « مَعْرُوشاتٍ » مرفوعات بالدعائم قيل هو ما عرشه من الكروم ونحوها عن ابن عباس وقيل عرشها أن يجعل لها حظائر كالحيطان « وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ » يعني ما خرج من قبل نفسه في البراري والجبال من أنواع الأشجار عن ابن عباس وقيل غير مرفوعات بل قائمة على أصولها مستغنية عن التعريش « وَالنَّخْلَ
__________________
(١) في المصدر : خلق وابتدع لا على مثال.