وَالزَّرْعَ » أي أنشأ النخل والزرع « مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ » أي طعمه وقيل ثمره وقيل هذا وصف للنخل والزرع جميعا فخلق سبحانه بعضها مختلف اللون والطعم والرائحة والصورة وبعضها مختلفا في الصورة متفقا في الطعم وبعضها مختلفا في الطعم متفقا في الصورة وكل ذلك يدل على توحيده وعلى أنه قادر على ما يشاء عالم بكل شيء « وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً » (١) في الطعم واللون والصورة « وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ » إذا أثمر فيها وإنما قرن الزيتون إلى الرمان لأنهما متشابهان باكتنان (٢) الأوراق في أغصانها « كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ » المراد به الإباحة وإن كان بلفظ الأمر قال الجبائي وجماعة هذا يدل على جواز الأكل من الثمر وإن كان فيه حق الفقراء انتهى (٣).
وأقول الضمير في ثمره راجع إلى كل من المذكورات فيدل على إباحة الجميع مع أن ذكرها في مقام الامتنان أيضا يدل على ذلك « وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ » قيل هي الزكاة وفي أخبارنا أنه غير الزكاة وسيأتي إن شاء الله في محله « وَلا تُسْرِفُوا » أي في الإتيان والصدقة أو في الأكل قبل الحصاد أو مطلقا وقيل أي لا تنفقوا في المعصية وقد مر تفسير سائر الآيات في باب الأنعام إلى قوله تعالى « قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ » أي طعاما محرما على آكل يأكله والمراد بالوحي ما في القرآن أو الأعم وفيه تنبيه على أن لا تحريم إلا بوحي لا بغيره فإنه لا ينطق عن الهوى « إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى إِلاَّ » أن يكون الطعام « مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً ».
قال الطبرسي رحمهالله أي مصبوبا وإنما خص المصبوب بالذكر لأن ما يختلط باللحم منه مما لا يمكن تخليصه منه معفو مباح (٤) « أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ » إنما خص الأشياء الثلاثة هنا بذكر التحريم مع أن غيرها محرم فإنه سبحانه ذكر في المائدة تحريم المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وغيرها لأن جميع ذلك
__________________
(١) في المصدر : « والزيتون والرمان » أي وأنشأ الزيتون والرمان « متشابها ».
(٢) في النسخة المخطوطة : « باكثار » وفي المصدر : باكتناز.
(٣) مجمع البيان ٤ : ٣٧٤ و ٣٧٥.
(٤) في المصدر : معفو عنه مباح.