متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله» (١) فلا يجوز أن يجبن الامام كما تجبن الامة ، فيبوء بغضب من الله ، وقد قلت : إنه معصوم ، ولابد في كل زمان من واحد بهذه الصفة.
فقال الرشيد لبعض الخدم : اخرج إليه فقل له : من في هذا الزمان بهذه الصفة؟ قال : أميرالمؤمنين صاحب القصر يعني الرشيد ، فقال الرشيد : والله لقد أعطاني من جراب فارغ ، وإني لاعلم إني لست بهذه الصفة ، فقال جعفر بن يحيى وكان معه داخل الستر ، إنما يعني موسى بن جعفر قال : ما عداها وقام يحيى بن خالد فدخل الستر فقال له الرشيد : يا يحيى من هذا الرجل؟ قال : من المتكلمين ، قال : ويحك مثل هذا باق ويبقى لي ملكي؟ والله للسان هذا أبلغ في قلوب العامة من مائة ألف سيف ، ما زال مكررا صفة صاحبه ونعته حتى هممت أن أخرج إليه ، فقال : تكفى يا أميرالمؤمنين.
وكان يحيى محبا لهشام مكرما له ، وعلم أن هشاما قد غلط على نفسه فخرج إليه فغمزه فقام هشام وترك رداءه ونهض كأنه يقضي حاجة وتهيأ له الخلاص فخرج من وقته إلى الكوفة ، فمات بها رحمهالله (٢). ٢٩ كتاب البرهان : أخبرنا أحمد بن سعيد قال : حدثنا محمد بن الفضل بن ربيعة الاشعري قال : حدثنا علي بن حسان قال : حدثنا عبدالرحمن ابن كثير ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين عليهمالسلام قال : لما أجمع الحسن بن علي على صلح معاوية خرج حتى لقيه فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر وأمر الحسن أن يقوم أسفل منه بدرجة ، ثم تكلم معاوية ، فقال : هذا الحسن بن علي رآني للخلافة أهلا ولم ير نفسه لها أهلا ، وقد أتانا ليبايع ، ثم قال : قم يا حسن ، فقام الحسن عليهالسلام فخطب فقال : الحمد لله المستحمد بالالاء ، وتتابع النعماء ، وصارفات الشدايد والبلاء ، عند الفهماء وغير الفهماء المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه وعلوه عن لحوق الاوهام ببقائه المرتفع عن كنه طيات
____________________
(١) الانفال : ١٦.
(٢) البرهان مخطوط ، وترى المناظرة في كمال الدين ج ٢ ص ٣١.